اتركهم واترك افتراءهم. وقد نزلت هذه الآية قبل الأمر بالقتال (وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) الواو عاطفة، واللام للتعليل، وتصغى فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام، والجار والمجرور عطف على « غرورا »، وإنما لم ينصب على أنه مفعول لأجله لاختلاف الفاعل، ففاعل تصغى المغرور وفاعل الأول الفارّون، ولأنه ليس صريح المصدرية، ففات شرطان من شروط نصب المفعول لأجله، ومعنى تصغى : تميل، وإليه جار ومجرور متعلقان بتصغى، وأفئدة فاعل تصغى، والذين مضاف إليه، وجملة لا يؤمنون صلة الموصول، وبالآخرة جار ومجرور متعلقان بيؤمنون (وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ) عطف على « غرورا » أيضا، أي : فاللام للتعليل، وهي مكسورة، و « أن » مقدرة بعدها جوازا في الأفعال الثلاثة، وترتيبها حسن للغاية وفي منتهى الفصاحة، لأنه يكون أولا الخداع فيكون الميل فيكون الرضا فيكون الاقتراف، فكل واحد مسبّب عما قبله، وجنح الزمخشري إلى تسمية هذه اللامات بلام الصيرورة أو العاقبة، وليس ببعيد.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٣، ص : ٢٠٣
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١١٤ الى ١١٥]
أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (١١٤) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١١٥)
اللغة :
(حَكَماً) : حاكما لا يحكم إلا بالعدل، وهو أبلغ من حاكم، لأن الحكم لا يحكم إلا بالعدل، والحاكم قد يشتطّ ويجور، أو لأن الحكم تكرر منه، بخلاف الحاكم فإنه يصدق بمرّة واحدة، وقد رمق أبو الطيب المتنبي سماء هذه الكلمة بقوله :


الصفحة التالية
Icon