في قوله تعالى :« من إملاق » فهو جار مجرى الكناية، لأنه إذا خرج ماله من يده ركبه الفقر فاستعمل لفظ السبب في موضع المسبب، قال في أساس البلاغة :« و من المجاز أملق الدهر ماله : أذهبه وأخرجه من يده، وأملق الرجل : أنفق ماله حتى افتقر، ورجل مملق. وقال أعرابي : قاتل اللّه النساء كيف يمتلقن العلل لكأنها تخرج من تحت أقدامهن، أي : يستخرجنها ».
الفوائد :
لابن هشام كلام مطوّل في هذه الآية قال :« و قوله تعالى :
« قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا »
فقيل :
إن لا نافية، وقيل : ناهية، وقيل : زائدة، والجميع محتمل. وحاصل القول في الآية أن « ما » خبرية بمعنى الذي، منصوبة ب « أتل » وحرم ربكم : صلة، وعليكم متعلقة بحرم. هذا هو الظاهر. وأجاز الزجاج كون « ما » استفهامية منصوبة بحرم، والجملة محكية ب « أتل » لأنه بمعنى أقول، ويجوز أن يعلق « عليكم » ب « أتل »، ومن رجح إعمال أول المتنازعين- وهم الكوفيون- رجحه على تعلقه بحرّم. وفي أن وما بعدها أوجه : أن يكونا في موضع نصب بدلا من « ما »، وذلك على أنهما موصولة لا استفهامية، إذ لم يقترن البدل بهمزة الاستفهام. الثاني أن يكونا في موضع رفع خبر
إعراب القرآن وبيانه، ج ٣، ص : ٢٧٥
ل « هو » محذوفا، أجازهما بعض المعريين. وعليهما ف « لا » زائدة، قال ابن الشجري : والصواب أنها نافية على الأول، وزائدة على الثاني.


الصفحة التالية
Icon