الإشارة. وإلا أداة حصر. وأن وما في حيزها استثناء مفرغ من أعم العلل. فهو مفعول لأجله على حذف مضاف، أي، إلا كراهة. وأن تكونا مصدر مؤول في محل جر بالإضافة، تكونا فعل مضارع ناقص منصوب بأن، والألف اسمها، وملكين خبر تكونا، وأو تكونا من الخالدين عطف على جملة تكونا الأولى، وجملة ما نهاكما مقول القول.
البلاغة :
سر تكرير الحروف في اللفظ الواحد :
هذا باب من أبواب البلاغة، قلّ من يتفطن له. وقد المع إليه الزمخشري في كشافه وابن الأثير في مثله السائر وابن جني في خصائصه.
و لكن إلماعهم لا يعدو لغة النظر التي لا تنقع الغلة، ولا تشفي من الأوام، ويتلخص هذا الباب في أنه كلما تكررت الحروف في اللفظ الواحد كان ذلك إيذانا بتكرير العمل ونقل الفعل من وزن الى وزن، لم يجنح إليه الواضح في الأصل إلا لهذا السر الخفي، واللفظ هنا « وسوس » فهو تجسيد حي وتصوير بليغ لدأب إبليس على الإغواء، وإجهاده نفسه لحملها على أن تزل بهما القدم، ويرتطما في مزالق الشر، فهو يوسوس إليهما المرة بعد المرة.
و من ذلك قولهم : خشن واخشوشن، لا تفيد خشن ما تفيد كلمة اخشوشن، لما فيه من تكرير الحروف. وقل مثل هذا في أعشب المكان واعشوشب. فكأنهم لما رأوا كثرة العشب قالوا : اعشوشب.
و سيرد معنا في القرآن الكريم العجيب منه، كما في هذه الآية.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٣، ص : ٣٢١
نموذج شعري للتكرير :
و يحسن بنا هنا أن نورد الآن نموذجا شعريا تعلق فيه الشاعر بأذيال هذا السر الخفي، وهو قول البحتري من قصيدة يمدح بها المتوكل على اللّه، ويذكر حديث الصلح بين أبناء العمومة والخئولة من بني تغلب، منها قوله :
رفعت بضبعي تغلب بنة وائل وقد يئست أن يستقلّ صريعها
فكنت أمين اللّه مولى حياتها ومولاك فتح يوم ذاك شفيعها
تألّفتهم من بعد ما شرّدت بهم حفائظ أخلاق بطي ء رجوعها
فأبصر غاويها المحجّة فاهتدى وأقصر غاليها ودانى شسوعها


الصفحة التالية
Icon