لأنه معنى من المعاني، وإنما يحل في مكانه فاستعمال الضلال في مكانه مجاز مرسل أطلق فيه الحال وأريد المحل، فعلاقته الحاليّة، وفائدته المبالغة في وصفه بالضلال وإيغاله فيه، حتى كأنه مستقر في ظلماته لا يتزحزح عنها. وزادوا في المبالغة بأن أكدوا ذلك بأن صدّروا الجملة بأن وزادوا اللام في خبرها.
٢- نفي الأخصّ والأعمّ :
و أردف ذلك بقوله :« ليس بي ضلالة » للإطاحة بما زعموه، وتفنيد ما توهموه، وهو من أحسن الرد وأبلغه وأفلجه للخصم، لأنه نفى أن تلتبس به ضلالة واحدة، فضلا عن أن يحيط به الضلال، فلم يقل : ضلال، كما قالوا، كما يقتضيه السياق. وقد توثّب خيال الزمخشري فقرر أن الضلالة أخص من الضلال، فكانت أبلغ في نفي الضلال عن نفسه، كأنه قال : ليس بي شي ء من الضلال، كما لو قيل لك : ألك تمر؟ فقلت : مالي ثمرة. ولكن الزمخشري غفل عن نقطة هامة جدا في هذا البحث العظيم، لأن نفي الأخص أعم من نفي الأعم، فلا يستلزمه ضرورة أن الأعم لا يستلزم الأخص، بخلاف العكس، ألا ترى أنك إذا قلت : هذا ليس بإنسان، لم يستلزم ذلك أن لا يكون حيوانا، ولو قلت : هذا ليس بحيوان، لاستلزم أن لا يكون إنسانا.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٣، ص : ٣٧٧
فنفي الأعم كما ترى أبلغ من نفي الأخص، إذا تقرر هذا فالتحقيق في الجواب أن يقال : الضلالة أدنى من الضلال وأقل، لأنها لا تطلق إلا على الفعلة الواحدة منه، وأما الضلال فينطلق على القليل والكثير من جنسه، ونفي الأدنى أبلغ من نفي الأعلى، لا من حيث كونه أخص بل من حيث التنبيه بالأدنى على الأعلى، كما قررنا في مستهل هذا البحث.
الفوائد :
١- الاسم إذا كان سبقه الضمير :


الصفحة التالية
Icon