انظر أمرك فو اللّه لو سرت بنا الى عدن لسرنا ما تخلّف رجل، ثم قال المقداد : يا رسول اللّه امض لما أمرك اللّه فإنا معك حيث لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى : اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ما دامت منا عين تطرف، فضحك رسول اللّه ثم قال : أشيروا علي أيها الناس وهو يريد الأنصار لأنهم قالوا له حين بايعوه على العقبة إنا برآء من ذمامك حتى تصل الى ديارنا فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمامنا نمنعك ما نمنع منه آباءنا ونساءنا، فكان النبي صلى اللّه عليه وسلم يتخوف أن تكون الأنصار لا ترى عليهم نصرته إلا على عدو دهمه بالمدينة، فقام سعد ابن معاذ فقال : لكأنك تريدنا يا رسول اللّه، قال : أجل، قال : قد آمنا بك وصدّقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة فامض يا رسول اللّه لما أردت، فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلّف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا وإنا لصبر عند الحرب، صدق عند اللقاء، ولعل اللّه يريك منا ما تقرّ به عينك فسر بنا على بركة اللّه، ففرح رسول اللّه ثم قال : سيروا على بركة اللّه وأبشروا فإن اللّه وعدني إحدى الطائفتين، واللّه لكأني الآن أنظر الى مضارع القوم. وقد أطلنا في الاقتباس لأهمية هذا الفصل وبلاغته.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٣، ص : ٥٣٥
خلاصة مفيدة لأقوال المعربين في « كما » :
اختلفوا على خمسة عشر قولا :
١- ان « الكاف » بمعنى واو القسم و « ما » بمعنى « الذي » واقعة على ذي العلم وهو اللّه، وجواب القسم يجادلونك. قاله أبو عببيدة.
٢- إن الكاف بمعنى « إذا » و « ما » زائدة والتقدير : اذكر إذ جاءك ٣- إن الكاف بمعنى « على » و « ما » بمعنى « الذي ».