و المركب، والتعريض هو اللفظ الدال على معنى لا من جهة الوضع الحقيقي أو المجازي بل من جهة التلويح والإشارة، فيختص باللفظ المركب، كقول من يتوقع صلة : واللّه إني. محتاج، فإنه تعريض بالطلب مع أنه لم يوضع له حقيقة ولا مجازا، وإنما فهم منه المعنى، من عرض اللفظ، أي : جانبه ».
إذا عرفت هذا سهل عليك أن تعرف سر التعريض في هذا التعبير الرشيق بالآية، فقد ذكر لهم حالة تستهجن من فاعلها، فأتى بلفظ الدبر دون الظهر.
و قد ولع أبو الطيب بهذا الفن، فقد قال يعرض بكافور الاخشيدي :
و من ركب الثور بعد الجوا د أنكر أظلافه والغبب
يريد أن من ركب الثور وكان من عادته أن يركب الجواد ينكر أظلاف الثور وغببه، وأما من كان مثل كافور وقد سبق له ركوب الثور فلا ينكر ذلك إن ركبه بعد الجواد. وقال أيضا يستزيد كافورا من الجوائز بعد مدحه :
أبا المسك هل في الكأس فضل أناله فإني أغني منذ حين وتشرب
يقول مديحي إياك يطربك كما يطرب الغناء الشارب، فقد حان أن تسقيني من فضل كأسك. ثم قال بعده :
وهبت على مقدار كفّي زماننا ونفسي على مقدار كفّيك تطلب
إعراب القرآن وبيانه، ج ٣، ص : ٥٤٦
٢- فن الاستدراك والرجوع :
و هو الكلام المشتمل على لفظة « لكن »، وهو قسمان : قسم يتقدم الاستدراك فيه تقرير، وقسم لا يتقدمه، ومن القسم الثاني قوله تعالى :« فلم تقتلوهم ولكن اللّه قتلهم، وما رميت إذ رميت ولكن اللّه رمى »، فقد أتى الاستدراك في هذه الكلمات في موضعين كل منهما مرشح للتعطف، فان لفظة تقتلوهم وقتلهم، ورميت ورمى، تعطف.
و هذا أقرب استدراك وقع في الكلام لتوسط حرفه بين لفظي التعطف في الموضعين. وسيأتي مثال القسم الأول قريبا.
و مما ورد منه شعرا قول أبي الطيب :
هم المحسنون الكرّ في حومة الوغى وأحسن منه كرّهم في المكارم
و لو لا احتقار الأسد شبّهتها بهم لكنّها معدودة في البهائم
و ما أحسن قول بعضهم في الرأس المصلوب على الرمح :