و هذا كما يحكى أن علماء بني إسرائيل نهوا عن المنكر تعذيرا فغمهم اللّه بالعذاب. وإذا كانت نهيا بعد أمر فكأنه قيل واحذروا ذنبا أو عقابا ثم، قيل : لا تتعرضوا للظلم فيصيب العقاب أو أثر الذنب ووباله من ظلم منكم خاصة، وكذلك إذا جعلته صفة على إرادة القول، كأنه قيل، واتقوا فتنة مقولا فيها لا تصيبن، ونظيره قوله :
حتى إذا جنّ الظلام واختلط جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قطّ
و الذين مفعول به، وجملة ظلموا صلة، ومنكم حال، وخاصة منصوبة على الحال من الفاعل المستتر في قوله : لا تصيبن، وأصلها أن تكون صفة لمصدر محذوف، تقديره : إصابة خاصة (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) أن وما في حيزها سدت مسد مفعولي اعلموا (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ) واذكروا عطف على اعلموا، وإذ نصب الظرف هنا على أنه مفعول به لا ظرف، أي : اذكروا وقت كونكم أقلة مستضعفين، وجملة أنتم قليل مضافة للظرف، وأنتم مبتدأ أخبر عنه بثلاثة أخبار، وهي قليل ومستضعفون وفي الأرض (تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ) جملة تخافون صفة كالتي قبلها، أي : خائفون، ويجوز أن تكون حالا من الضمير في « قليل » و « مستضعفون »،
إعراب القرآن وبيانه، ج ٣، ص : ٥٥٣
و أن وما في حيزها مفعول تخافون، والناس فاعل يتخطفكم (فَآواكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) الفاء عاطفة، وآواكم فعل ماض وفاعل مستتر، وعطف عليه ما بعده، ولعل واسمها، وجملة تشكرون خبرها.
الفوائد :
قال ابن هشام في المغني ما نصه :« قوله تعالى :« لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة » فإنه يجوز أن تقدر لا ناهية أو نافية، وعلى الأول فهي مقولة لقول محذوف هو الصفة، أي : فتنة مقولا فيها ذلك، ويرجحه أن توكيد الفعل بالنون بعد لا الناهية قياس، نحو :