و لا تحسبن اللّه غافلا » وعلى الثاني فهي صفة لفتنة، ويرجحه سلامته من تقدير القيد الثاني صلاحيتها للاستغناء عنها، وخرج بذلك الصلة، وجملة الخبر، والجملة المحكية بالقول، فإنها لا يستغنى عنها، بمعنى أن معقولية القول متوقفة عليها.
و قال أبو حيان :« و الجملة من قوله « لا تصيبن » خبرية صفة لقوله :« فتنة »، أي : غير مصيبة الظالم خاصة. إلا أن دخول نون التوكيد على المنفي ب « لا » مختلف فيه، فالجمهور لا يجيزونه، ويحملون ما جاء منه على الضرورة أو الندور. والذي نختاره الجواز، وإليه ذهب بعض النحويين. وإذا كان قد جاء لحاقها الفعل منفيا ب « لا » مع الفصل، نحو قوله :
فلا ذا نعيم يتركن لنعيمه وإن قال قرّظني وخذ رشوة أبى
إعراب القرآن وبيانه، ج ٣، ص : ٥٥٤
و لا ذا بئيس يتركنّ لبؤسه فينفعه شكوى إليه إن اشتكى
فلأن تلحقه مع غير الفصل أولى، نحو : ولا تصيبن.
البلاغة :
١- المجاز في قوله تعالى :« يحول بين المرء وقلبه ». فأصل الحول تغير الشي ء وانفصاله عن غيره، وباعتبار التغير قيل : حال الشي ء يحول، وباعتبار الانفصال قيل : حال بينهما فحقيقة كون اللّه يحول بين المرء وقلبه أنه يفصل بينهما، فهو مجاز مرسل عن غاية القرب من العبد، لأن من فصل بين شيئين كان أقرب الى كل منهما من الآخر لاتصاله بهما، فالعلاقة المحلية أو السببية. ويجوز أن يكون الكلام استعارة تمثيلية لغاية قربه من العبد، واطلاعه على مكنونات القلوب وسرائر النفوس.
٢- واختلف في « لا » من قوله تعالى :« و اتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة » على قولين :