فقال عليه الصلاة والسلام : لا نصرت إن لم أنصركم، وتجهز الى مكة. ففتحها سنة ثمان من الهجرة، فلما كانت سنة تسع أراد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يحج فقيل له : المشركون يحضرون ويطوفون بالبيت عراة، فقال لا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك، فبعث أبا بكر تلك السنة أميرا على الموسم ليقيم للناس الحج، وبعث معه أربعين آية من صدر براءة ليقرأها على أهل الموسم، ثم بعث بعده عليا على ناقته العضباء ليقرأ على الناس صدر براءة، وأمره أن يؤذن بمكة ومنى وعرفة : أن قد برئت ذمة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من كل شرك، ولا يطوف بالبيت عريان، فرجع أبو بكر فقال : يا رسول اللّه بأبي أنت وأمي أنزل في شأني شي ء فقال : لا، ولكن لا ينبغي لأحد أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلي، أما ترضى يا أبا بكر أنك كنت معي في الغار وأنك معي على الحوض؟ فقال : بلى يا رسول اللّه، فسار أبو بكر أميرا على الحاج، وعلي بن أبي طالب يؤذن ببراءة، فلما كان قبل يوم التروية بيوم قام أبو بكر فخطب الناس وحدثهم عن مناسكهم، وأقام للناس الحج، والعرب في تلك السنة على معاهدهم التي كانوا عليها في الجاهلية من أمر الحج، حتى إذا كان يوم النحر قام علي بن أبي طالب فأذن في الناس بالذي أمر به وقرأ عليهم أول سورة براءة.
و قال يزيد بن تبيع : سألنا عليا بأي شي ء بعثت في الحجة؟ قال : بعثت بأربع : لا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين النبي عهد فهو
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٥٤
إلى مدته ومن لم يكن له عهد فأجله أربعة أشهر، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يجتمع المشركون والمسلمون بعد عامهم هذا في الحج، ثم حج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سنة عشر حجة الوداع.
سبب وضع علم النحو :
جي ء الى عمر بن الخطاب برجل يقرأ :« إن اللّه بري ء من المشركين ورسوله » بالجر، فسأله، فقال : هكذا قرأت في المدينة، فقال عمر :