ج- الأمر في قوله :« و من ذريتي » فإن معناه الطلب لذريته ما وعد به من الاستخلاف، فكأنه قال : رب وافعل ذلك لبعض ذريتي وكل طلب أمر لكنه إذا كان من اللّه سبحانه أوجب حسن الأدب أن يسمى دعاء ولا يطلق عليه لفظ الأمر وإن كان أمرا في أصل الوعد.
د- النهي وهو في ضمن الأمر لأن الأمر بالشي ء نهي عن ضده فكأن معناه ولا تحرم بعض ذريتي ذلك.
ه- الوعد تقدم بيانه في الخبر.
و- الوعيد في قوله :« لا ينال عهدي الظالمين » فإن حاصل ذلك أن الظالمين من ذريتك لا ينالهم استخلافي وحرمان ذلك غاية الوعيد.
و من شواهد هذا الفن الشعرية قول عمر بن أبي ربيعة المخزومي :
بيننا ينعتني ابصرنني دون قيد الميل يعدو بي الأغر
قالت الكبرى : ترى من ذا الفتى؟ قالت الوسطى لها : هذا عمر
قالت الصغرى وقد تيمتها قد عرفناه وهل يخفى القمر؟
و في هذه الأبيات نكتتان بليغتان تدلان على قوة عارضة الشاعر
إعراب القرآن وبيانه، ج ١، ص : ١٨١
صاحب الفستق المقشر، كما يسمون شعره، ومعرفته بوضع الكلام مواضعه وهما :
١- أن قوافي الأبيات لو أطلقت لكانت كلها مرفوعة.
٢- انه جعل التي عرفته من جملة البنات وعرّفت به وشبهته تشبيها يدل على شغفها بحبه هي الصغرى منه ليدل على أنه فتيّ السن بدليل الالتزام إذ الفتية من النساء لا تميل إلا الى الفتى من الرجال غالبا ليدمج في ذلك عذره بالصّبوة وأنه إنما كان منه ذلك في أيام الشبيبة.


الصفحة التالية
Icon