وَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) والذين مبتدأ وجملة كفروا صلة ولهم خبر مقدم وشراب مبتدأ مؤخر ومن حميم صفة لشراب وعذاب عطف على شراب وجملة لهم شراب خبر الذين وأليم صفة لعذاب وبما الباء حرف جر سببية وما مصدرية وكانوا كان واسمها وجملة يكفرون خبرها أي بسبب كفرهم والجار والمجرور صفة ثانية لعذاب ويجوز أن يكون خبرا لمبتدأ محذوف، أي ذلك بسبب كفرهم.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٢٠٤
البلاغة :
١- المجاز المرسل في قوله :« أن لهم قدم صدق » فقد أطلق لفظ القدم على السعي والسبق لأنهما لا يحصلان إلا بالقدم فسمى المسبب باسم السبب كما سميت النعمة يدا لأنها تعطى باليد فالعلاقة هنا السببية وقد تقدم بحثه، ونزيد هنا ان المجاز لا يكون مطردا فلا يصح أن يقال قدم سوء، وهذه خاصة عجيبة من خصائص المجاز يكاد الحكم فيها مرده الى الذوق.
٢- المناسبة اللفظية بين حميم وأليم والمناسبة ضربان : مناسبة في المعاني ومناسبة في الألفاظ وقد مر ذكر المناسبة المعنوية في الأنعام، أما هنا فالمناسبة لفظية وهي عبارة عن الإتيان بلفظات متزنات مقفاة وغير مقفاة فهو تام وناقص وقد وقعت الناقصة في الكلام الفصيح أكثر لأن التقفية غير لازمة فيها.
الفوائد :
١- الحكمة في القرآن :
شاعت لفظة الحكمة في القرآن ووصف القرآن بالحكيم وقد مر معنا الكثير من ذلك وسيمر أكثر منقين أن الكلمة عبرية ومعناها في هذا اللسان : القضاء أي الحكم أيضا، والحكمة في معناها العام تدل على السّداد وإتقان الرأي والفعل قال تعالى :« و من يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا »، وهذا القول من الوجاهة الى حد كبير وقد سبق الامام الشافعي الى تقرير شي ء من ذلك فقال :« إن المقصود بالحكمة سنة النبي صلى اللّه عليه وسلم ».