وَ إِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ) الواو اعتراضية والجملة اعتراض تذييلي
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٢٩٣
جي ء به عقب الحكاية وان واسمها ومن الناس صفة لكثيرا وعن آياتنا متعلقان بغافلون واللام المزحلقة وغافلون خبر إن.
البلاغة :
في الآية تورية إذا فسر البدن بالدرع أما إذا فسر بالجسم فيكون المعنى ننجيك في الحال التي لا روح فيك وانما أنت بدن أو ببدنك كاملا سويا لم ينقص منه شي ء أما تفسير البدن بالدرع فيدل عليه قول عمرو بن معدي كرب :
أعاذل شكتي بدني وسيفي وكل مقلّص سلس القياد
و كانت لفرعون درع من ذهب يعرف بها، وعندئذ صح في البدن التورية وهي ان البدن في القريب الظاهر بمعنى الجسم وفي البعيد الخفي بمعنى الدرع ومراده البعيد الخفي فان نجاة فرعون أي خروجه من البحر بعد الغرق بدرعه أعجب آية من خروجه مجردا والتورية في القرآن قليلة وسترد مواضعها في حينها ونتحدث عنها هنا باختصار فنقول :
تعريف التورية : التورية هي أن يذكر المتكلم لفظا مفردا له معنيان : قريب ظاهر غير مراد وبعيد خفي هو المراد. وتنقسم الى أربعة أقسام :
١- التورية المجردة وسميت بذلك لتحردها من اللوازم وهي قسمان أيضا :
آ- المجردة التي ذكر معها لازم المورّى به وهو المعنى القريب ولازم المورّى عنه وهو المعنى البعيد كقول مجير الدين بن تميم :
إعراب القرآن وبيانه، ج ٤، ص : ٢٩٤
و ليلة بتّ أسقى في غياهبها راحا تسلّ شبابي من يد الهرم
ما زلت أشربها حتى نظرت الى غزالة الصبح ترعى رجس الظلم
فالصبح من لوازم الغزالة الشمسية والرعي من لوازم الغزالة الوحشية.
ب- المجردة التي لم يذكر معها لازم من لوازم المورّى به ولا لازم من لوازم المورّى عنه كقول بعضهم في سنة كان فيها شهر كانون معتدلا فأزهرت الأرض :
كأن نيسان أهدى من ملابسه لشهر كانون أنواعا من الحلل


الصفحة التالية
Icon