ب- ما جاء بالصيغة العامة موضع الخاصة كقولك أتاني الناس كلهم ولم يكن أتاك إلا واحد منهم أردت تعظيمه ومنه قوله تعالى :
« إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب » فوعدهم سبحانه بجزاء غير مقدر لاخراج العبارة مخرجا عاما لتردد الأذهان في مقدار الثواب.
ج- إخراج الكلام مخرج الاخبار عن الأعظم الأكبر للمبالغة كقوله تعالى :« و جاء ربك والملك صفا صفا » فجعل مجي ء آياته مجيئا له سبحانه.
د- إخراج الممكن من الشرط الى الممتنع ليمتنع وقوع المشروط كقوله تعالى في سورة الأعراف وقد تقدم :« و لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ».
ه- ما جرى مجرى الحقيقة وقد كان مجازا كقوله تعالى :
« يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار » فإن اقتران هذه الجملة بيكاد يصرفها الى الحقيقة فانقلبت من الامتناع الى الإمكان.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ٩٤
و هذه مبالغة ظاهرة في جميع هذه الاقسام على أن هناك مبالغة مدمجة وهي قوله تعالى في الآية التي نحن بصددها وهي « سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار » فإن مبالغة هذه الآية جاءت مدمجة في المقابلة.
و سيأتي مزيد من المبالغة وأقسامها في مواضع متفرقة من هذا الكتاب.
الفوائد :
يكاد المفسرون يجمعون على أن هذه الآية تدل على أنه إذا عاش قوم في نعمة فإن اللّه لا يغيرها عنهم إلا إذا عصوا ربهم وظلم بعضهم بعضا ولازم هذا التفسير أن النعمة تدوم وتزداد بالشكر والطاعة وانها تزول بالجحود والطغيان وكان وما زال في النفس شي ء من هذا التفسير لأمور :
أولها : اننا نرى المحتكرين والمستثمرين كلما نشطوا في الطغيان والسلب والنهب كثرت أموالهم وربت.