آ- الاستقصاء وهو أن يتناول المتكلم معنى فيستقصيه أي يأتي بجميع عوارضه ولوازمه بعد أن يستقصي جميع أوصافه الذاتية بحيث لا يترك لمن يتناوله بعده فيه مقالا يقوله فقد استقصى المعنى الذي أراده في الآية وهو كراهية الصديد الذي يشربه بأنه يتجرعه وفيه احتمالات أولها انه مطاوع جرعته بالتشديد نحو علمته فتعلم وثانيها انه
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ١٧٢
للتكلف وقد اخترناه في الاعراب أي يتكلف جرعه ولم يذكر الزمخشري غيره وثالثها انه دال على المهلة نحو تفهمته أي يتناوله شيئا فشيئا بالجرع كما يتفهم شيئا فشيئا بالتفهيم ورابعها انه بمعنى جرعه المجرد وفي جميع هذه الأحوال استقصى غاية ما يمكن أن يتناوله شارب الماء.
ب- المبالغة في قوله « و لا يكاد » فدخول فعل يكاد للمبالغة، يعني : ولا يقارب أن يسيغه فكيف تكون الاساغة؟ كقوله « لم يكد يراها » أي لم يقرب من رؤيتها فكيف يراها.
ج- ذكر الموت وأراد أسبابه وهذا مجاز.
د- وصف العذاب بالغلظة كناية عن قوته واتصاله لأن الغلظة تستوجب القوة وتستدعي أن يكون متصلا تتصل به الأزمنة كلها فلا انفصال بينها.
ه- الغلو : بذكر كاد وهذا يطرد في كل كلام تستعمل فيه أداة المقاربة كقول الفرزدق :
يكاد يمسكه عرفان راحته ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
و قد أفرط أبو العلاء في استعمالها قال :
تكاد قسيه من غير رام تمكن في سيوفهم النبالا
تكاد سوابق حملته تغني تجد الى رقابهم انسلالا
تكاد سوابق حملته تغني عن الأقدار صونا وابتذالا
سرى برق المعرة بعد وهن فبات براحة يصف الكلالا
شجا ركبا وأفراسا وإبلا وزاد فكاد أن يشجو الرحالا
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ١٧٣
و لا بن خفاجة الاندلسي. وكاد هنا مرقصة :
و أهيف قام يسعى والسكر يعطف قده
و قد ترنح غصنا وحمر الكأس ورده
و ألهب السكر خدا أورى به الوجد زنده
فكاد يشرب نفسي وكدت أشرب خدّه


الصفحة التالية
Icon