و كل هذا من الغلو المقبول لأنه مقترن بالأداة ويزداد حسنه إذا تضمن نوعا حسنا من التخييل كقول المتنبي :
عقدت سنابكها عليه عثيرا لو تبتغي عنقا عليه أمكنا
و لأبي العلاء في صفة السيف :
يذيب الرعب منه كل عضب فلو لا الغمد يمسكه لسالا
و قال في وصف الخيل :
و لما لم يسابقهن شي ء من الحيوان سابقن الظلالا
أما الغلو غير المقبول فهو نوعان نوع يستسيغه الفن كقول المتنبي :
و لو قلم ألقيت في شقّ رأسه من السقم ما غيرت من خط كاتب
و قول أبي نواس :
و أخفت أهل الشرك حتى انه لتخافك النطف التي لم تخلق
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ١٧٤
و- التتميم : وقد تحدثنا عنه أيضا ونبينه هنا فنقول التتميم أنواع ثلاثة تتميم النقص وتتميم الاحتياط وتتميم المبالغة فقد قال يتجرعه ولو قال جرعه لما أفاد المعنى الذي أراده لأن جرع الماء لا يشير الى معنى الكراهية ولكنه عند ما أتي بالتاء على صيغة التفعل أفهم أنه يتكلف شربه تكلفا وانه يعاني من جراء شربه مالا يأتي الوصف عليه من تقزز وكراهية ثم احتاط للأمر لأنه قد يوهم بأنه تكلف شربه ثم هان عليه الأمر بعد ذلك فأتي بالكيدودة أي أنه تكلف شربه وهو لا يكاد يشربه ولو اكتفى بالكيدودة لصح المعنى دون مبالغة ولكن عند ما جاءت يسيغه افهم انه لا يسيغه بل يغص به فيشربه بعد اللتيا والتي جرعة غب جرعة فيطول عذابه تارة بالحرارة وتارة بالعطش.
٣- التشبيه التمثيلي بقوله « و الذين كفروا أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف » فالمشبه مركب وهو الذين كفروا وأعمالهم الصالحة التي يقومون بها في حياتهم كصلة يرفدون بها المحتاج وصدقة يجبرون بها المكسور وعلم يعم نفعه العباد والمشبه به الرماد وهو ما سحقته النار من الاجرام واشتداد الريح واليوم العاصف ووجه الشبه ان الريح العاصف تطير الرماد وتفرق أجزاءه بحيث لا يبقى له أثر فكذلك كفرهم أبطل أعمالهم وأحبطها بحيث لا يبقى لها أثر.


الصفحة التالية
Icon