المضارع مرادا به الحال وتدخل عليه مرادا به الاستقبال وأنشد على ذلك قول أبي ذؤيب :
أودى بنيّ وأعقبوني حسرة عند الرقاد وعبرة ما تقلع
و قول الأعشى يمدح الرسول عليه السلام :
له نافلات ما يغب نوالها وليس عطاء اليوم مانعه غدا
البلاغة :
١- التعبير بالضد : في قوله :« ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين » اختلف علماء البلاغة في المراد بهذا التعبير وقد قرر النحاة أن ربما لا تدخل إلا على الماضي؟ وما المراد بمعنى التقليل الذي تفيده رب؟ وقد أجيب عن الاول بأن المترقب في اخبار اللّه تعالى بمثابة الماضي المقطوع به في تحققه فكأنه قيل ربما ود، وأجيب عن الثاني بأن هذا مذهب وارد على سنن العرب في قولهم لعلك ستندم على فعلك وربما ندم الإنسان على ما يفعل ولا يشكون في ندامته ولا يقصدون تقليله والعقلاء يتحرزون من التعرض من المظنون كما يتحرزون من المتيقن الثابت وهذا الجواب جميل ولكن الاجمل منه أن يقال : إن العرب تعبر عن المعنى بما يؤدي عكس مقصوده ومنه قول أبي الطيب المتنبي :
و لجدت حتى كدت تبخل حائلا للمنتهى ومن السرور بكاء
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ٢١٧
و قد سبقت الاشارة الى هذا الفن الجميل وكلا هذين الوجهين يحمل الكلام على المبالغة بنوع من الإيقاظ إليها والعمدة في ذلك على سياق الكلام.
٢- اللف والنشر المشوش : وقد تقدم ذكر هذا الفن وذلك في قوله تعالى : ما ننزل... ردا على مقالتهم الثانية وهي لو ما تأتينا بالملائكة » أما رده على مقالتهم الأولى وهي « انك لمجنون » فهو قوله :
« إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون » ثم أردف ذلك بقوله ولقد أرسلنا من قبلك الى آخر الآية أي أن هذا ديدنهم وديدن الجاهلية مع جميع الأنبياء فلا تبتئس واقتد بمن قبلك وتأسّ بهم.
الفوائد :