الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) الذين خبر لمبتدأ محذوف أي هم الذين صبروا فمحله الرفع أو منصوب على المدح أي أعني الذين صبروا فمحله النصب وجملة صبروا صلة وعلى ربهم جار ومجرور متعلقان بيتوكلون ويتوكلون فعل مضارع وفاعل.
البلاغة :
١- إنما :
« إنما قولنا لشي ء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون » عقد الامام
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ٣٠٣
عبد القاهر الجرجاني في كتابه دلائل الاعجاز فصلا ممتعا عن إنما ننقل خلاصته، فقد وقف يستلهم معاني « إنما » ويرى أن الوقوف فيها عند قول النحاة : انه ليس في انضمام « ما » إلى « ان » فائدة أكثر من أنها تبطل عملها خطأ بيّن، وأصل انما أن تجي ء لخبر لا يجهله المخاطب ولا ينكر صحته أو لما ينزل هذه المنزلة فمن الاول قوله تعالى « انما يستجيب الذين يسمعون » فكل عاقل يعلم انه لا تكون استجابة إلا ممن يعقل ما يقال له ويدعى اليه ومثال ما ينزل هذه المنزلة قول ابن الرقيات :
انما مصعب شهاب من الله تجلّت عن وجهه الظلماء وتفيد انما في الكلام الذي بعدها إيجاب الفعل لشي ء ونفيه عن غيره وتجعل الأمر ظاهرا فإذا قلت إنما جاءني زيد عقل منه أنك أردت أن يكون الجائي غيره فمعنى الكلام معها شبيه بالمعنى في قولك : جاءني زيد لا عمرو إلا أن لها مزية وهي انك تعقل معها إيجاب الفعل لشي ء ونفيه عن غيره دفعة واحدة وتجعل الأمر ظاهرا في أن الجائي زيد.
٢- الاستعارة التمثيلية : في قوله « كن فيكون » فهي استعارة للكينونة تمثل سرعة الإيجاد عند تعلق الارادة وليس هناك أمر حقيقة ولا كاف ولا نون وإلا لو كان هناك أمر لتوجه أن يقال إن كان الخطاب للشي ء حال عدمه فلا يعقل لأن خطاب المعدوم لا يعقل وإن كان بعد وجوده ففيه تحصيل الحاصل وإنما القصد منه تصوير سرعة الحدوث بما لا يتجاوز أمده النطق بلفظ كن وما أسهلها.


الصفحة التالية
Icon