ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا) ثم حرف عطف للتراخي والسرّ فيه أن سعيها لطلب الرزق بعد اتخاذها البيوت نسكناها لتطلب بعد ذلك الرزق في مظانه، وكلّيّ فعل أمر وفاعل ومن كل الثمرات متعلقان بكلّيّ فاسلكي الفاء عاطفة واسلكي عطف على كلّيّ وسبل ربك مفعول به وذللا حال من السبل لأن اللّه ذللها لها ووطأ لها
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ٣٣٢
مهادها ومسالكها أو من فاعل اسلكي أي وأنت منقادة لما أمرت به وهيئت له. (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) في الكلام التفات من الخطاب الى الغيبة سيأتي الكلام عنه في باب البلاغة ويخرج فعل مضارع ومن بطونها متعلقان بيخرج وشراب فاعل يخرج ومختلف صفة لشراب وألوانه فاعل مختلف لأنه اسم فاعل وفيه خبر مقدم وشفاء مبتدأ مؤخر وللناس جار ومجرور متعلقان بشفاء والجملة صفة ثانية لشراب. (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) تقدم إعراب نظيرتها قريبا فجدد به عهدا.
البلاغة :
١- الالتفات :
في قوله تعالى « يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه » إلى آخر الآية، التفات من الخطاب الى الغيبة ولو جاء الكلام على النسق الأول لقيل من بطونك، وإنما صرف الكلام هاهنا من الخطاب إلى الغيبة لفائدة وهي انه ذكر للبشر العسل وأوصافه وألوانه المختلفة وأخبرهم أن فيه فوائد شتى لهم ليلفت انتباههم اليه ولو قال من بطونك لذهبت تلك الفائدة التي أنتجها خطاب الغيبة وليس ذلك بخاف عن نقدة الكلام.
٢- التنكير :
و نكر قوله « فيه شفاء » ولم يقل فيه الشفاء لكل الناس فاندفع الاعتراض بأن كثيرين يأكلون العسل ولا يشفون مما ألم بهم. فيلاحظ أن النكرة في سياق الإثبات لا تفيد العموم وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي سعيد أن رجلا أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ٣٣٣


الصفحة التالية
Icon