و بما متعلقان بأعلم وفي نفوسكم صلة ما. (إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً) الجملة حالية وإن شرطية وتكونوا فعل الشرط والواو اسمها وصالحين خبرها والفاء رابطة للجواب وإن اسمها وجملة كان خبرها وللأوابين أي التوابين متعلقان بغفورا، وغفورا خبر كان.
البلاغة :
١- في قوله تعالى « و اخفض لهما جناح الذل من الرحمة » استعارة شغلت علماء البيان وقد وعدناك أن تتحدث عن هذه الاستعارة مطولا فلنبحث هذا الموضوع ولنورد ما قاله البيانيون في صددها :
فهي استعارة مكنية لأن إثبات الجناح للذل يخيل للسامع أن ثمة جناحا يخفض والمراد ألن لهما جانبك، وتواضع لهما تواضعا يلصقك بالتراب، والجامع بين هذه الاستعارة والحقيقة أن الجناح الحقيقي في أحد جانبي الطائر وان الطائر إذا خفض جناحه وهو الذي به يتقوى وينهض، انحط إلى الأرض وأسف الى الحضيض ولصق بالتراب فالاستعارة مكنية إذ شبهت إلانة الجانب بخفض الجناح بجامع العطف والرقة وهذه أجمل استعارة وأحسنها وكلام العرب جاء عليها.
و ذكر الصولي في كتابه أخبار أبي تمام : وعابوا عليه- أي على أبي تمام- قوله :
لا تسقني ماء الملام فإنني صب قد استعذبت ماء بكائي
فقالوا ما معنى ماء الملام؟ وهم يقولون : كلام كثير الماء وما أكثر ماء شعر الأخطل، قاله يونس بن حبيب ويقولون : ماء الصبابة وماء الهوى يريدون الدمع. قال ذو الرمة :
أ أن ترسمت من خرقاء منزلة ماء الصبابة من عينيك مسجوم
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ٤١٤
و قال أيضا :
أ دارا بحزوى هجت للعين عبرة فماء الهوى يرفضّ أو يترقرق
و قال عبد الصمد- وهو محسن عند من يطعن على أبي تمام :
أي ماء لماء وجهك يبقى بعد ذل الهوى وذل السؤال


الصفحة التالية
Icon