و الاقتصاد الذي هو وسط بين الإسراف والتقتير، وقد طابق في الاستعارة بين بسط اليد وقبضها من حيث المعنى لأن جعل اليد مغلولة هو قبضها وغلّها أبلغ في القبض وقد رمق أبو تمام سماء هذا المعنى فقال في المعتصم :
تعود بسط الكف حتى لو أنه ثناها لقبض لم تطعه أنامله
٢- التغاير :
في قوله تعالى « و لا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم » وقد تقدم بحثه في سورة الانعام وفيه سر خفي بين ما جاء في سورة الاسراء وما جاء في سورة الانعام وهو قوله « و لا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم » فجدد به عهدا ونضيف اليه الآن ان قتل الأولاد إن كان مبعثه خوف الفقر فهو من سوء الظن باللّه واليأس من رحمته وإن كان مبعثه الغيرة على البنات فهو تدبير أرعن لا ينجم عنه إلا هدم المجتمع وتعطيل معالم الحياة.
الفوائد :
شروط النصب بأن بعد فاء السببية وواو المعية :
لا تضمر أن بعد فاء السببية وواو المعية أيضا إلا بشرطين أساسيين وهما أن يسبقهما نفي أو طلب محضين ولا فرق في النفي بين أن يكون حرفا أو فعلا أو اسما أو تقليلا مرادا به النفي ومثال التقليل : قلما تأتينا فتحدثنا وأما الطلب فيشمل سبعة أمور وهي الأمر والنهي
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ٤٢٨
و الدعاء والعرض والتحضيض والاستفهام والتمني فهذه سبعة مع النفي تصير ثمانية وزاد بعضهم الترجي وقد جمع هذه التسعة بقوله :
مروانه وادع وسل عرض لحضّهم تمن وارج كذاك النفي قد كملا
و احترزنا بقولنا « نفي أو طلب محضين » من النفي التالي تقريرا بالهمزة لأن التقرير اثبات ومن النفي المتلو بالنفي لأن نفي النفي اثبات ومن النفي المنتقض بإلا ومما يجب مراعاته قول جميل بن معمر العذري :
ألم تسأل الربع القواء فينطق وهل يخبرنك اليوم بيداء سملق