فهو بعد أن قرر أثر الصدّ وأن مسافته لا تقرب ولا تقطع لأن البين قد يقرب وقد تقطع مسافته اعترف بأنه غير قادر على كتمان رسيس هواه لأنه إذا كان عقلك مع غيرك فكيف يكون حالك؟ وإذا كان سرك في جفنك فكيف تقدر على كتمانه؟ يريد أن الدمع يظهره ثم صور الموقف فجعل حسناءه عابثة ازدهاها الدّل، واستخف بها النعيم، فهي عابثة لاهية تبتسم وهو يحرق الأرم، ويتكوى بنار الهجران على حد قولهم « ويل للشجي من الخلي » وهذا من أروع الشعر وأعذبه.
و نعود الى الآية فنقول ان اللّه تعالى أراد أن يسلي نبيه وأن يهدهد عنه ما ألم به من جوى وارتماض فعرض الموقف بصيغة الترجي وان كان المراد به النهي أي لا تبخع نفسك ولا تهلكها من أجل غمك على عدم إيمانهم وأتى بهذا التشبيه التمثيلي البديع والأسف المبالغة في الحزن.
الفوائد :
١- نصب المفعول لأجله :
اشترط النحاة لنصب المفعول لأجله خمسة أمور وهي :
١- كونه مصدرا.
٢- كونه قلبيا من أفعال النفس الباطنة كالتعظيم والاحترام والإجلال والتحقير والخشية والخوف والجرأة والرغبة والرهبة
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ٥٣٩
و الحياء والوقاحة والشفقة والعلم والجهل ونحوها ويقابل أفعال الجوارح أي الحواس الظاهرة وما يتصل به كالقراءة والكتابة والقيام والقعود والوقوف والجلوس والمشي والنوم واليقظة وغيرها وذلك لأن العلة هي الحاملة على إيجاد الفعل والحامل على الشي ء متقدم عليه وأفعال الجوارح ليست كذلك.
٣- كونه علة لأنه الباعث على الفعل.
٤- اتحاده مع الفعل المعلل به في الزمان فلا يجوز : تأهبت اليوم السفر غدا لأن زمن التأهب غير زمن السفر.
٥- اتحاده مع الفعل المعلل به في الفاعل فلا يجوز : جئتك محبتك إياي لأن فاعل المجي ء المتكلم وفاعل المحبة المخاطب.
و متى فقد شرطا من هذه الشروط وجب جره بحرف تعليل كاللام ومن والباء وفي، وفيما يلي أمثلة لكل شرط مفقود :