و كانت مريم تتعبد في الهيكل بعيدا عن أهلها وعن الناس، قد انتبذت مكانا شرقيا في الناصرة من مدينة الجليل، وكانت مخطوبة لرجل من أبناء عمومتها اسمه يوسف النجار ولكن لم يتم زواجهما لأنها وهبت نفسها الى اللّه ولكن اللّه تعالى شاء أن يهب الى البشر من هذه الفتاة الطاهرة الكريمة التقية نبيا كريما، ورسولا عظيما، ويجعل منها ومن ابنها آية للناس كما قال تعالى « وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ » لم يتم زواج يوسف بمريم وبعث اللّه جبريل فبشرها بحملها بالسيد المسيح وهي في عزلتها تعبد اللّه وتخلص له العبادة والتقوى فعجبت لذلك وأجفلت وقالت : كيف يكون لي ولد ولم يمسسني بشر، فكان الجواب عليها كما جاء في القرآن، كما صور القرآن فزع مريم في سورة « مريم » حين جاءها الملك بهذه البشارة متمثلا لها في صورة إنسان ظهر لها في عزلتها، على حين غرة من أمرها فاستعاذت باللّه منه فهدأ من روعها وأنبأها أنه مرسل من السماء ليهب لها غلاما زكيا فجاء في هذه السورة « و اذكر في الكتاب مريم إلخ الآيات » وقد اتفق إنجيل لوقا وإنجيل برنابا والقرآن الكريم في حادث ولادة المسيح على أنه آية للناس ولم يكن نتيجة اتصال مريم بخطيبها يوسف النجار، كما جاء في بعض الأناجيل الاخرى كإنجيل متى الذي نصّ على أن « يسوع بن يوسف النجار
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٩٢
ابن يعقوب بن متان بن اليعازر، ابن اليهود بن أخيم »
الى آخر هذا النسب الذي يصل الى يعقوب بن اسحق بن ابراهيم عليهم السلام.


الصفحة التالية
Icon