فالقرآن الكريم نزل بأن مريم عذراء وانه بعد بشارة الملك لها بهذا الغلام الزكي حملت به وانتبذت مكانا بعيدا عن الناس، وعانت وحدها آلام وضعه حتى تمنت الموت قبل هذا كما جاء في القرآن الكريم « فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ » إلخ الآيات. خاطبها هذا الوليد الكريم في مهده وهدأ من روعها، وطلب إليها أن تستعين على ضعفها بالرطب الجني، والماء الهني أو خاطبها الملك.
و كان أن وقع ما خشيته مريم من اتهامها بالسوء، فلما جاءت به الى قومها أنكروا عليها، واتهموها بما هي براء منه، فصامت عن الكلام وتولى الطفل الصغير في مهده الدفاع عن أمه الطاهرة النقية كما جاء في القرآن الكريم.
٢- أسرار الفاءات :
وعدناك أن نتحدث عن أسرار الفاءات في قوله تعالى « فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ » في هذه الفاءات دليل على أن حملها به ووضعها إياه لأنه عطف الحمل والانتباذ الى المكان الذي مضت اليه والمخاض الذي هو الطلق بالفاء وهي للفور ولو كانت كغيرها من النساء لعطف بثم التي هي للتراخي والمهلة ألا ترى أنه قد جاء في الأخرى :« قتل الإنسان ما أكفره، من أي شي ء خلقه، من نطفة خلقه فقدره، ثم السبيل يسره » فلما كان بين تقديره في البطن وإخراجه مدة متراخية عطف ذلك بثم وهذا بخلاف قصة مريم عليها اب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٩٣
السلام، فانها عطفت بالفاء وقد اختلف الناس في مدة حملها فقيل :
انه كحمل غيرها من النساء وقيل : لا بل كان مدة ثلاثة أيام، وقيل :