ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا) ثم ننجي عطف على ما تقدم وفاعل ننجي مستتر تقديره نحن والذين موصول مفعول واتقوا صلة ونذر عطف على ننجي والفاعل مستتر تقديره نحن والظالمين مفعول به وفيها متعلقان بنذر أو
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ١٣٣
بجثيا ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه حال من جثيا لأنه في الأصل صفة لنكرة قدم عليها فنصب على الحال، وجثيا حال أو تجعلها مفعولا ثانيا لنذر أي نتركهم فيها جثيا.
البلاغة :
١- فن القسم :
في قوله تعالى « فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ » فن القسم وهو أن يريد المتكلم الحلف على شي ء فيحلف بما يكون فيه فخر له وتعظيم لشأنه أو تنويه لقدره أو ما يكون ذما لغيره أو جاريا مجرى الغزل والترقق أو خارجا مخرج الموعظة والزهد فقد أفاد القسم هنا أمران أحدهما أن العادة جرت بتأكيد الخبر باليمين والثاني أن في إقسام اللّه تعالى باسمه مضافا الى رسوله صلى اللّه عليه وسلم رفعا منه لقدره وتنويها بشأنه كما رفع من شأن السماء والأرض في قوله « فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ » وسيأتي تحقيق ذلك في مواضعه.
و قد توسّع الشعراء في القسم لأن فيه حلاوة ورفعا لشأن المتغزل به، وما ألطف قول عبد المحسن الصوري وهو من أبرع ما سمغنا :
يا غزالا قد رمى باللحظ قلبي فأصابا
بالذي ألهم تعذيبي ثناياك العذابا
و الذي ألبس خديك من الورد نقابا
و الذي أودع في فيك من الشهد شرابا
و الذي صيّر حظي منك هجرا واجتنابا
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ١٣٤
ما الذي قالته عينا ك لقلبي فأجابا
و لابن خفاجة الاندلسي :
لا وسحر بين أجفانكم فتن الحب به من فتنا
و حديث من مواعيدكم تحسد العين عليه الأذنا
ما رحلت العيس عن أرضكم فرأت عيناي شيئا حسنا
و بلغ العباس بن الأحنف الغاية بقوله :
و اني ليرضيني قليل نوالكم وإن كان لا أرضى لكم بقليل


الصفحة التالية
Icon