و فيها أيضا التقرير وهو بالاستفهام فإنه سبحانه عالم بما بيمينه وإنما أراد أن يقر موسى ويعترف بكونها عصا ويزداد علمه بما يمنحه اللّه
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ١٧٩
في عصاه فلا يعتريه شك إذا قلبها اللّه ثعبانا بل يعرف أن ذلك كائن بقدرة اللّه وانه هين عليه يسير.
عصا موسى وما فيها من أقوال :
هذا وقد صنف الجاحظ كتابا سماه كتاب العصا وهو جزيل الفائدة ونورد فيما يلي أضاميم منه، فقد جمع اللّه لموسى بن عمران في عصاه من البرهانات العظام والعلامات الجسام ما عسى أن يفي ذلك بعلامات عدة من المرسلين قال اللّه تبارك وتعالى فيما يذكر في عصاه :
« إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما » الى قوله « و لا يفلح الساحر حيث أتى » فلذلك قال الحسن بن هانئ- أبو نواس- في شأن خصيب وأهل مصر حين اضطربوا عليه :
منحتكم يا أهل مصر نصيحتي ألا فخذوا من ناصح بنصيب
و لا تثبوا وثب السفاه فتركبوا على حد حامي الظهر غير ركوب
فإن يك باق إفك فرعون فيكم فإن عصا موسى بكف خصيب
رماكم أمير المؤمنين بحية أكول لحيات البلاد شروب
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ١٨٠
ألم تر أن السحرة لم يتكلفوا تغليط الناس والتمويه عليهم إلا بالعصا ولا عارضهم موسى إلا بعصاه، ألا ترى أنهم لما سحروا أعين الناس واسترهبوهم بالعصي والحبال لم يجعل اللّه للحبال من الفضيلة في إعطاء البرهان ما جعل للعصا؟ وقدرة اللّه على تصريف الحبال في الوجوه كقدرته على تصريف العصا.


الصفحة التالية
Icon