٥- لفظ العلو الدال على أن الغلبة ثابتة له من جهة العلو ومعلوم أن الغرض من قوله « الأعلى » الغلبة إلا أن في الأعلى زيادة وهي كونها صادرة عن مكان عال.
٦- الاستئناف وهو قوله تعالى :« لا تخف إنك أنت الأعلى » ولم يقل لأنك أنت الأعلى فكان ذلك أبلغ في إيقان موسى عليه السلام بالغلبة والاستعلاء وأثبت ذلك في قرارة نفسه بما لا يدع أي مجال للشك.
هذا وقد تقدم نوع من هذا الفن وسيرد غيره في حينه ومواضعه ان شاء اللّه، بقي أن تتحدث عن اختيار موسى يوم الزينة فما هو هذا اليوم؟
يوم الزينة :
قيل فيه يوم عاشوراء، ويوم النيروز، ويوم عيد كان لهم في كل عام وكانوا يتخذون فيه سوقا ويتزينون ويظهرون فيه كل بهارجهم إذ يحشر فيه الناس منذ ضحوة النهار حتى المساء.
٣- فن الإبهام :
و ذلك في قوله « ما في يمينك » فقد أبهمها لأمرين متضادين أولهما استصغار أمرها أي لا تبال بكثرة حبالهم وعصيهم وألق العويد الفرد الصغير الجرم الذي بيدك فانه بقدرة اللّه تعالى يتلقفها على وحدته
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٢١٧
و كثرتها وصغره وعظمها، وثانيهما تعظيم أمرها أي لا تعبأ بهذه الأجرام الكبيرة الكثيرة فإن في يمينك شيئا هو أعظم منها كلها فألقها تمحقها وتطح بها بإذن اللّه، وقد يقول قائل كيف يحتقر العصا؟
و الجواب ان المقصود بتحقيرها في جنب القدرة الإلهية تحقير كيد السحرة بطريق الأولى لأنها إذا كانت وهي الحقيرة الضئيلة التي لا يؤبه بها بالنسبة للقدرة الإلهية قد طاحت بما أتوا به من أضاليل مموّهة وأكاذيب مخترعة فما ظنك بكيدهم وأقل شي ء يذهب به وهذا معنى دقيق قل من يتفطن له، وقد رمق سماءه شاعر الخلود أبو الطيب المتنبي فقال من قصيدة يمدح بها بدر بن عمار ويذكر الأسد وقد أعجله فضربه بسوطه :
أ معفر الليث الهزبر بسوطه لمن ادّخرت الصارم المصقولا؟


الصفحة التالية
Icon