مقتل المتوكل على اللّه المدائن وهي مدينة يقع فيها ايوان كسرى وقد أبدع في وصف الايوان إبداعا فريدا زاده روعة أنه من شعراء العرب أول من وصف الآثار القديمة الخالدة واستوحاها وصب عليها من روحه وهذه مختارات منها :
صنت نفسي عما يدنّس نفسي وترفعت عن جدا كلّ جبس
و تماسكت حيث زعزعني الده ر التماسا منه لتعسي ونكسي
حضرت رحلي الهموم فوجه ت الى أبيض المدائن عنسي
ذكرتنيهم الخطوب التوالي ولقد تذكر الخطوب وتنسي
حلل لم تكن كأطلال سعدى في فقار من البسابس ملس
فكأن الجرماز من عدم الأن س وإخلاله بنية رمس
لو تراه علمت أن الليالي جعلت فيه مأتما بعد عرس
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٢٧٣
فإذا ما رأيت صورة انطا كية ارتعت بين روم و
فرس والمنايا مواثل وانوشر...... وان يزجي الصفوف تحت ال
درفس في اخضرار من اللباس على أص فر يختال في صبيغة
ورس عمرت للسرور دهرا فصارت للتعزي رباعهم وال
تأسي فلها ان أعينها بدموع موفقات على الصبابة حبس
و لا يتسع المجال لا يراد القصيدة بكاملها، فهي نموذج حي معبر من أدبنا العربي، كما لا يتسع المجال لدراستها فنكتفي بإيراد بعض الملاحظات السريعة عليها :
١- تشعر حين تقرأ السينية بروعة موسيقاها الناتجة عن خفة الجر وجماله (الخفيف) وتلاؤمه مع العواطف والمعاني والألفاظ والروي المهموس وهو السين وترداد الحروف المهموسة كالسين والصاد والتاء.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٢٧٤
٢- تشعر بتأثر الشاعر بالعظمة حين قدم لوصف الايوان ثم ما تعتم أن تأسى وتحزن حين تقرأ أن الليالي جعلت فيه مأتما بعد عرس وهذا التجاوب النفسي بين ما يصفه الشاعر وبين ما يصف ميزة فنية بحتة.
٣- تشعر أن الشاعر يعجب بكل ما هو عظيم في الدنيا ولو كان من غير قومه فنراه هنا معجبا بالفرس فبكاهم أصدق بكاء ورثاهم أحر رثاء وهكذا الفن يسمو ليستحيل انسانية صرفا.


الصفحة التالية
Icon