و في قوله تعالى :« وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا » ثلاث مبالغات :
آ- ذكر المس وهو أقل شي ء بل هو شي ء رفيق جدا فما بالك إذا انثال عليهم؟ أي يكفي للدلالة على ذلهم وهوان أمرهم ووهن عزيمتهم أن أقل مس يكفيهم ليذعنوا ويتطامنوا ويعلنوا ذلهم وخضوعهم والإقرار على أنفسهم بأنهم تصاموا وأعرضوا وقد رمق المتنبي سماء هذه المبالغة فقال في وصف قوم جبناء :
و ضاقت الأرض حتى كاد هاربهم إذا رأى غير شي ء ظنه رجلا
ب- وما في النفحة من معنى القلة والنزارة يقال : نفحته الدابة ونفحه بعطية.
ج- بناء المرة من النفح فمصدر المرة يأتي على فعلة أي نفحة واحدة لا ثاني لها تكفي لتشتيت أمرهم وتوهين كيانهم وتصدع صفوفهم فكيف إذا عززت بثانية أو ثالثة؟.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٣٢٣
الفوائد :
مصدرا المرة والهيئة :
مصدر المرة هو ما يذكر لبيان عدد الفعل ويبنى من الثلاثي المجرّد على وزن فعلة بفتح الفاء وسكون العين مثل : وقفت وقفة ووقفتين ووقفات فإن كان الفعل فوق الثلاثي ألحقت بمصدره التاء مثل أكرمته إكرامة وفرّحته تفريحة وتدحرج تدحرجة إلا ان كان المصدر ملحقا في الأصل بالتاء فيذكر بعده ما يدلّ على العدد مثل رحمته رحمة واحدة وأقمت إقامة واحدة واستقمت استقامة واحدة.
أما مصدر النوع أو الهيئة فهو ما يذكر لبيان نوع الفعل وصفته نحو وقفت وقفة ويبنى من الثلاثي المجرد على وزن فعلة بكسر الفاء مثل عاش عيشة حسنة ومات ميتة سيئة وفلان حسن الجلسة وفلانة هادئة المشية فإن كان الفعل فوق الثلاثي يصير مصدره بالوصف مصدر نوع مثل أكرمته إكراما عظيما.