لمجي ء أحد الضدين أو أحد المتقابلين حقيقة والآخر مجازا فهمود الأرض واهتزازها ضدان لأن الهمود سكون فالاهتزاز هنا حركة خاصة وهما مجازان والربو والإنبات ضدان وهما حقيقتان وإنما قلنا ذلك لأن الأرض تربو حالة نزول الماء عليها وهي لا تنبت في تلك الحالة، فإذا انقطعت مادة السماء، وجفف الهواء رطوبة الماء خمد الربو وعادت الأرض الى حالها من الاستواء وتشققت وأنبتت فصدر الآية تكافؤ وما قابله في عجزها طباق.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٣٩٦
٢- الارداف :
و فيها مع هذين الفنين فن الارداف وهو كما ذكر قدامة في نقد الشعر أن يريد المتكلم معنى فلا يعبر عنه بلفظه الموضوع له ولا بلفظ الاشارة الدال على المعاني الكثيرة بل بلفظ هو ردف المعنى الخاص وتابعه قريب من لفظ المعنى الخاص قرب الرديف من الردف وقد تقدمت الاشارة اليه في هود، وهنا في هذه الآية عدل عن لفظي الحركة والسكون الحقيقيين الى أردافهما من لفظي الهمود والاهتزاز لما في لفظي الارداف من الملاءمة للمعنى المراد لأن الهمود يراد به الموت، والأرض في حال عطلها من السقي والنبات موات فكان العدول الى لفظ الهمود المعبر به عن الموت أولى من لفظ السكون والاهتزاز المجازي مشعر بالعطالة كاهتزاز الممدوح للمدح فلأجل ذلك عدل عن لفظ الحركة العام الى لفظ الحركة الخاص لما يشعر أن الأرض ستعطي عند سقيها ما يرضي من نباتها بتنزل السقي لها منزلة ما يسرها فاهتزت لتشعر بالعطاء فقد ظهرت فائدة العدول الى لفظ الارداف لما يعطيه من هذه المعاني التي لا يعطيها لفظ الحقيقة.
٣- التهذيب :