و قد جاء نظم هذه الآية مع ما تضمن من التكافؤ والطباق والارداف والائتلاف منعوتا بالتهذيب لما فيه من حسن الترتيب حيث تقدم فيه لفظ الاهتزاز على لفظ الربو ولفظ الربو على الإنبات لأن الماء إذ نزل على الأرض فرق أجزاءها ودخل في خلالها، وتفريق أجزاء الجواهر الجمادية هو حركتها حالة تفرق الاتصال لأن انقسام الجوهر يدل على انتقال قسميه أو أحدهما عن حيزه ولا معنى للحركة إلا هذا
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٣٩٧
فالاهتزاز يجب أن يذكر عقيب السقي كما جاء الربو بعد الاهتزاز فإن التراب إذا دخله الماء ارتفع بالنسبة الى حاله قبل ذلك وهذا هو الربو بعينه وقد تقدم شرح كون الإنبات انما يكون بعد الربو وجفاف رطوبة الماء وعود التراب الى حاله وتشققه فحصل التهذيب في نظم هذه الآية بحصول حسن الترتيب واقترن بذلك حسن النسق لتقدم كل ما يجب أن يكون معطوفا عليه على كل ما يجب أن يكون معطوفا.
٤- المذهب الكلامي :
و في قوله تعالى من أول سورة الحج الى قوله « وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ » فن المذهب الكلامي ففي هذه الآيات خمس نتائج تستنتج من عشر مقدمات وسياقها مفصلة على الترتيب :
آ- قوله تعالى « ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ » ذلك لأنه قد ثبت عندنا بالخبر المتواتر أنه سبحانه أخبر بزلزلة الساعة معظما لها وذلك مقطوع بصحته لأنه خبر أخبر به من ثبت صدقه عمن ثبتت قدرته منقول إلينا بالتواتر فهو حق ولا يخبر بالحق عما سيكون إلا الحق فاللّه هو الحق.
ب- أخبر سبحانه أنه يحيي الموتى لأنه تعالى أخبر عن أهوال الساعة بما أخبر، وحصول فائدة هذا الخبر موقوفة على إحياء الموتى ليشاهدوا تلك الأهوال التي فعلها سبحانه من أجلهم وقد ثبت أنه قادر على كل شي ء، ومن الأشياء إحياء الموتى فهو يحيي الموتى.