فأخبرتني بقول أهل الافك فازددت مرضا الى مرضي فلما رجعت الى بيتي استأذنت أن آتي أبوي : أريد أن أتيقن الخبر من قبلهما فأذن لي.
قالت أمي : هوّني عليك فو اللّه لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثّرن عليها.
قلت : سبحان اللّه وقد تحدث الناس بهذا؟ فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا اكتحل بنوم.
و دعا رسول اللّه عليّ بن أبي طالب وأسامة بن زيد يستشيرهما في فراق أهله فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول اللّه بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم في نفسه لهم من الود وقال لرسول اللّه : هم أهلك ولا نعلم إلا خيرا.
و أما عليّ بن أبي طالب فقال : لم يضيّق اللّه عليك والنساء سواها كثير وإن تسأل الجارية تصدقك.
فدعا رسول اللّه بريرة يسألها : هل رأيت من شي ء يريبك من عائشة؟ قالت : والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمرا قد أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فنأكله.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٥٧٤
... وبكيت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ثم بكيت ليلتي المقبلة لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي.
فبينما نحن على ذلك دخل رسول اللّه فسلم ثم جلس وتشهّد ثم قال : أما بعد يا عائشة فإني قد بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك اللّه وإن كنت ألمحت بذنب فاستغفري اللّه وتوبي اليه فان العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب تاب اللّه عليه.
فلما قضى رسول اللّه مقالته قلص دمعي حتى ما أحسّ منه قطرة فقلت لأبي : أجب عني رسول اللّه فقال : واللّه ما أدري ماذا أقول لرسول اللّه، فقلت لأمي : أجيبي عني، فقالت : كذلك واللّه ما أدري ماذا أقول لرسول اللّه، قلت :- وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن- :