أخذ يقذف نفسه ويرميها بما ليس فيها من الفاحشة. وروي أن أبا أيوب الأنصاري قال لامرأته ألا ترين مقالة الناس؟ قالت له : لو كنت بدل صفوان أكنت تخون في حرمة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سوءا؟ قال : لا، قالت : ولو كنت أنا بدل عائشة ما خنته وصفوان خير منك وعائشة خير مني.
و هذا صحيح كل الصحة وبراءة عائشة واضحة ومفهومة بالبداهة لدى كل منصف يفهم أن امرأة كعائشة لا تعرض نفسها لهذه الريبة أمام جيش وفي وضح النهار ولغير ضرورة مع رجل من المسلمين يتقي ما يتقيه المسلم في هذا المقام من غضب النبي وغضب المسلمين وغضب اللّه، فتلك خلة تترفع عنها من هي أقل من عائشة منبتا ومنزلة وخلقا وأنفة فكيف بها في مكانها المعلوم، وهذا هو المفهوم للتعبير عن الآخرين من المؤمنين بالنفس، حدا بامرأة أبي أيوب الانصاري إلى أن تنزل زوجها منزلة صفوان ونفسها منزلة عائشة ثم تثبت لنفسها ولزوجها البراءة والامانة حتى تثبت لصفوان وعائشة بطريق الأولى.
و هو ثانيا يحتمل أن يكون التعبير بالأنفس حقيقة والمقصود إلزام سيى ء الظن بنفسه لأنه لم يعتد بنوازع الايمان ووزائعه في حق غيره وألفاه واعتبره في حق نفسه وادعى لها البراءة قبل معرفته بحكم الهوى لا بحكم الهدى.
٢- الالتفات :
و في الكلام عدول عن الخطاب الى الغيبة وعن الضمير الى الظاهر وسياق الحديث أن يقول « لو لا إذ سمعتموه ظننتم بأنفسكم خيرا وقلتم » وانما اقتضت البلاغة هذا الالتفات والعدول عن الضمير الى
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٥٧٩


الصفحة التالية
Icon