- من الاسرار التي تدق على الافهام دخول من الجارة على غض الابصار دون الفروج في قوله تعالى « قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ » والسر في ذلك أن أمر النظر واسع لا يني يسرح في مراتع الجمال ومواطن الفتنة، قال الزمخشري بهذا الصدد :« ألا ترى أن المحارم لا بأس بالنظر الى شعورهن وصدورهن وثديهنّ وأعضادهن وسوقهن وأقدامهن وكذلك الجواري المستعرضات للبيع وأما أمر الفروج فمضيق ».
- ومن هذه الأسرار تقديم غض الابصار على حفظ الفروج في الاية نفسها وفي الآية التي تليها، والسر فيه أن النظر بريد الزنا ورائده الذي لا يخطى ء. وقد أفاض الشعراء في القديم والحديث فيما تحدثه
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٥٩٧
النظرة من إلهاب نار الحب، وتأريث الحرقة التي تدفع الى ارتكاب المحرم ومن أجمل ما قيل فيه قول ابن زيدون :
حسن أفانين لم تستوف أعيننا غاياته بأفانين من النظر
و قال ابن الرومي :
عيني لعينك حين تنظر مقتل لكن لحظك سهم حتف مرسل
و من العجائب أن معنى واحدا هو منك لحظ وهو مني مقتل
و سيرد في كتابنا العجيب منه.
و فيما يلي طائفة من الأحاديث الواردة بهذا الصدد :
« عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعني عن ربه : النظرة سهم مسموم من سهام إبليس من نركها من مخافتي أبدلته إيمانا يجد حلاوته في قلبه » أي جعلت بدله إيمانا يشعر بلذاته في قلبه.
و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال :