بمذعنين، قال الزمخشري :« و هذا أحسن لتقدم صلته ودلالته على الاختصاص والمعنى انهم لمعرفتهم انه ليس معك إلا الحق المر والعدل البحت يزورّون عن المحاكمة إليك إذا ركبهم الحق لئلا تنتزعه من أحداقهم بقضائك عليهم لخصومهم وإن ثبت لهم حق على خصم أسرعوا إليك ولم يرضوا إلا بحكومتك لتأخذ لهم ما ذاب لهم في ذمة الخصم » ومذعنين حال، قال الزجاج : الإذعان الاسراع مع الطاعة وفي القاموس :
« أذعن له خضع وذل وأقر وأسرع في الطاعة ».
البلاغة :
١- صحة التفسير :
في قوله تعالى « وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ » الآية : فيها فن بديع من فنون البلاغة سماه علماؤها « صحة التفسير » وسماه ابن الأثير في المثل السائر « التناسب بين المعاني » وحدّه أن يأتي المتكلم في أول كلامه بمعنى لا يستقل الفهم بمعرفة فحواه، إما أن يكون مجملا يحتاج الى تفصيل أو موجها يفتقر الى توجيه أو محتملا يحتاج المراد منه الى ترجيح لا يحصل إلا بتفسيره وتبيينه ووقوع التفسير على أنحاء تارة يأتي بعد الشرط أو بعد ما فيه معنى الشرط وطورا بعد الجار والمجرور وآونة بعد المبتدأ الذي التفسير خبره. والآية التي نحن بصددها مما وقع بعد الجار والمجرور فقد ذكر سبحانه الجنس الأعلى مقدما له حيث قال :« كل دابة » فاستغرق أجناس كل ما دبّ ودرج ثم فسر هذا الجنس الأعلى بالأجناس المتوسطة والأنواع حيث قال « فمنهم » و « و منهم » مراعيا الترتيب إذ قدم ما يمشي بغير آلة لكونه الآية سيقت
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٦٣٢