في قوله « إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا » فن التمثيل وقد تقدمت الإشارة إلى هذا الفن الذي يتلخص في أنه هو أن يريد المتكلم معنى فلا يعبر عنه بلفظة الخاص ولا بلفظي الإشارة ولا الإرداف بل بلفظ هو أبعد من لفظ الإرداف قليلا يصلح أن يكون مثلا للفظ الخاص لأن المثل لا يشبه المثل من كل الوجوه، ولو تماثل المثلان من كل الوجوه لاتحدا. ومن التمثيل أيضا نوع آخر ذهب إليه من جاء بعد قدامة وهو أن يذكر الشي ء ليكون مثالا للمعنى المراد وإن كان معناه ولفظه غير المعنى المراد ولفظه، كأنهم لثبوتهم على الضلالة بمنزلة الانعام والبهائم بل أضل سبيلا لأن البهائم تنقاد لمن يتعهدها وتميز من يحسن إليها ممن يسي ء إليها أما هؤلاء فقد أسفوا إلى أبعد من هذا الدرك.
هذا وقد استخرج ابن أبي الإصبع في كتابه المسمى بتحرير التحبير أمثال أبي تمام من شعره فوجدها تسعين نصفا وثلاثمائة بيت، واستوعب أمثال أبي الطيب المتنبي فوجدها مائة نصف وأربعمائة بيت وقد ذكرنا فيما سلف من هذا الكتاب عددا من أمثال المتنبي ونذكر هنا طائفة أخرى منها :
لعل عتبك محمود عواقبه فربما صحت الأجسام بالعلل
و قوله :
و مكايد السفهاء واقعة بهم وعداوة الشعراء بئس المقتنى
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٢١
و قوله :
لا يعجبن مضيما حسن بزته وهل تروق دفينا جودة الكفن
و قوله :
و انا الذي اجتلب المنية طرفه فمن المطالب والقتيل القاتل
و قوله :
و ما كمد الحساد شيئا قصدته ولكنه من يرحم البحر يغرق
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٤٥ الى ٤٩]


الصفحة التالية
Icon