أنبئت أن رسول الله أوعدني والعفو عند رسول الله مأمول
مهلا هداك الذي أعطاك نافلة الق سر آن فيها مواعيظ وتفصيل
لا تأخذنّي بأقوال الوشاة فلم أذنب وقد كثرت فيّ الأقاويل
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ١٥١
فلم ينكر عليه النبي قوله، وما كان ليوعده على باطل، بل تجاوز عنه ووهب له بردته فاشتراها منه معاوية بثلاثين ألف درهم وقال العتبي بعشرين ألفا وهي التي توارثها الخلفاء يلبسونها في الجمع والأعياد.
و يروى أن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه مرّ بحسّان وهو ينشد الشعر في مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم قال : أرغاء كرغاء البعير، فقال حسان : دعني عنك يا عمر فو اللّه انك لتعلم لقد كنت أنشد في هذا المسجد لمن هو خير منك فما يغير عليّ ذلك فقال عمر : صدقت.
و قال صاحب العمدة :« فأما احتجاج من لا يفهم وجه الكلام بقوله تعالى « و الشعراء يتبعهم الغاوون، ألم تر أنهم في كل واد يهيمون، وانهم يقولون ما لا يفعلون » فهو غلط وسوء تأول لأن المقصود بهذا النص شعراء المشركين الذين تناولوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالهجاء ومسّوه بالأذى فأما من سواهم من المؤمنين فغير داخل في شي ء من ذلك، ألا تسمع كيف استثناهم اللّه عز وجل ونبه عليهم فقال :« إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا اللّه كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا » يريد شعراء النبي الذين ينتصرون له ويجيبون المشركين عنه كحسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد اللّه بن رواحة وقد قال فيهم النبي صلى اللّه عليهم وسلم « هؤلاء النفر أشدّ على قريش من نصح النبل » وقال لحسان بن ثابت :« اهجهم- يعني قريشا- وروح القدس معك فو اللّه لهجاؤك عليهم أشد من وقع السهام في غلس الظلام والق أبا بكر يعلمك تلك الهنات » فلو أن الشعر حرام أو مكروه ما اتخذ النبي شعراء يثيبهم على الشعر ويأمرهم بعمله ويسمعه منهم.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ١٥٢


الصفحة التالية
Icon