و أما قوله صلى اللّه عليه وسلم « لأن يمتلى ء جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير له من أن يمتلى ء شعرا » فإنما هو من غلب الشعراء على قلبه وملك نفسه حتى شغله عن دينه وإقامة فرضه ومنعه من ذكر اللّه تعالى.
و قد قال الشعر كثير من الخلفاء الراشدين والجلّة من الصحابة والتابعين والفقهاء المشهورين :
فمن ذلك قول أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه قالوا :
و اسمه عبد اللّه بن عثمان ويقال : عتيق لقب له قال في غزوة عبيدة ابن الحارث :
أمن طيف سلمى بالبطاح الدمائث أرقت أوامر في العشيرة حادث
ترى من لؤي فرقة لا يصدّها عن الكفر تذكير ولا بعث باعث
رسول أتاهم صادق فتكذّبوا عليه وقالوا : لست فينا بماكث
إذا ما دعوناهم الى الحق أدبروا وهرّوا هرير المجمرات اللواهث
فكم قد متتنا فيهم بقرابة وترك التقى شي ء لهم غير كارث
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ١٥٣
فإن يرجعوا عن كفرهم وعقوقهم فما طيبات الحلّ مثل الخ
بائث وإن يركبوا طغيانهم وضلالهم فليس عذاب الله عنهم
بلابث فأولى برب الراقصات عشية حراجيح تخدي في السريح الر
ثائث كأدم ظباء حول مكة عكف يردن حياض البئر ذات الن
بائث لئن لم يفيقوا عاجلا من ضلالهم ولست إذا آليت قولا ب
حانث لتبتدرنهم غارة ذات مصدق تحرم أطهار النساء الط
وامث تغادر قتلى تعصب الطير حولهم ولا يرأف الكفار رأف ابن
حارث فأبلغ بني سهم لديك رسالة وكل كفور يبتغي الشر باحث
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ١٥٤
فإن شتموا عرضي على سوء رأيهم فإني من أعراضهم غير شاعث
هذا ولا بد من الإلماع الى أن ابن هشام قال في سيرته :« و أكثر أهل العلم ينكر هذه القصيدة لأبي بكر ».
و من شعر عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه وكان من أنقد أهل زمانه للشعر وأنفذهم فيه معرفة :
هوّن عليك فإن الأمو ر بكف الإله مقاديرها
فليس يأتيك منهيها ولا قاصر عنك مأمورها
و من شعره أيضا وقد لبس بردا جديدا فنظر الناس إليه :


الصفحة التالية
Icon