ا- ان الاستبدال لا يكون شراء إلا إذا كان فيه فائدة يقصدها المستبدل منه سواء كانت حقيقية أم وهمية.
ب- ان الشراء يكون بين متبايعين بخلاف الاستبدال فاذا أخذت ثوبا من ثيابك بدل آخر يقال : انك استبدلت ثوبا بثوب فالمعنى الذي تؤدي إليه الآية أن أولئك القوم اختاروا الضلالة على الهدى لفائدة لهم بإزائها يعتقدون الحصول عليها من الناس فهو معاوضة بين طرفين يقصد بها الربح وهذا هو معنى الاشتراء ومثلهما البيع والابتياع ولا يؤديه مطلق الاستبدال، إذا عرفت هذا أدركت السرّ في اختيار اشتروا على استبدلوا، وتبينت أن القرآن وهو أعلى درج البلاغة لا يختار لفظا على لفظ من شأنه أن يقوم مقامه إلا لحكمة في ذلك، وخصوصية لا توجد في غيره.
٣- التتميم في قوله :« و ما كانوا مهتدين » وحدّه أن يأتي
إعراب القرآن وبيانه، ج ١، ص : ٤٤
في الكلام كلمة أو كلام إذا طرح منه نقص معناه في ذاته أو في صفاته أو لزيادة حسنة فقوله :« و ما كانوا مهتدين » تتميم لما تقدّم أفاد بأنهم ضالون في جميع ما يتعاطونه من عمل.
٤- التشبيه التمثيلي : في قوله :« مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب اللّه بنورهم » وحقيقة التشبيه التمثيلي أن يكون وجه الشبه فيه صورة منتزعة من متعدّد أي أن حال المنافقين في نفاقهم وإظهارهم خلاف ما يسترونه من كفر كحال الذي استوقد نارا ليستضي ء بها ثم انطفأت فلم يعد يبصر شيئا، وهكذا يبدو لك أن التشبيه التمثيلي يعمل عمل السحر في تأليف المتباينين، ويريك للمعاني المتمثلة بالأوهام شبها في الأشخاص الماثلة وينطق لك الأخرس ويعطيك البيان من الأعجم ويريك الحياة في الجماد، ويجعل الشي ء قريبا بعيدا، ومن أمثلته في الشعر قول بشار :
كأن مثار النقع فوق رؤوسنا وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه


الصفحة التالية
Icon