فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) الفاء عاطفة على محذوف والتقدير فأجابها لا ليأخذ الأجر ولكن لأجل التبرك بأبيها لما سمع منهما انه شيخ كبير، فمشت أمامه فجعلت الريح تضرب ثوبها فتكشف ساقيها أو ألزقت الريح ثوبها بجسدها فوصفته فقال لها : امشي خلفي ودليني على الطريق ففعلت الى أن دخل عليه فلما جاءه وقص عليه، قص فعل ماض وعليه متعلقان بقص والقصص مفعول به وجملة قال لا محل لها ولا ناهية وتخف فعل مضارع مجزوم
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٣٠٤
بلا ونجوت فعل وفاعل ومن القوم متعلقان بنجوت والظالمين صفة وإنما هدأ روعه وطمأنه لأن مدين لم تكن في سلطان فرعون.
البلاغة :
١- الإيجاز :
كثر الإيجاز في هذه الآيات فقد حذف المفعول به في أربعة أماكن أحدها مفعول يسقون أي مواشيهم والثاني مفعول تذودان أي مواشيهما والثالث لا نسقي أي مواشينا والرابع فسقى لهما أي مواشيهما وعلة الحذف أن الغرض هو أن يعلم انه كان من الناس سقي ومن البنتين ذود وأنهما قالتا لا نسقي أي لا يكون منا سقي حتى يصدر الرعاء وانه كان من موسى سقي فأما كون المسقي غنما أو إبلا أو غير ذلك فذلك أمر خارج عن نطاق الغرض.
٢- الكناية :
في قوله « و أبونا شيخ كبير » فقد أرادتا أن تقولا له : إننا امرأتان ضعيفتان مستورتان لا نقدر على مزاحمة الرجال ومالنا رجل يقوم بذلك وأبونا شيخ طاعن في السن قد أضعفه الكبر وأعياه فلا مندوحة لنا عن ترك السقيا وأرجائها الى أن يقضي الناس أوطارهم من الماء وبذلك طابق جوابهما سؤاله لأنه سألهما عن علة الذود فقالتا ما قالتاه وإنما ساغ لنبي اللّه شعيب أن يرضى لابنتيه بامتهان سقيا الماشية على ما فيها من تبذل واطراح حشمة لأن الضرورات تبيح المحظورات مع أن الأمر في حد ذاته ليس بمحظور فالدين لا يأباه
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٣٠٥