في قوله :« و لكنا كنا مرسلين » جناس التحريف الذي يكون الضبط فيه فارقا بين الكلمتين أو بعضهما وقد مرت له نظائر وستمر نظائر كثيرة ومثاله في الشعر قول أبي العلاء المعري :
و الحسن يظهر في شيئين رونقه بيت من الشعر أو بيت من الشعر
و له أيضا :
لغيري زكاة من جمال فإن تكن زكاة جمال فاذكري ابن سبيل
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٣٤٠
فالتجنيس في الأول بين « الشعر » و « الشعر » وفي الثاني بين « جمال » و « جمال » وما ألطف قول بهاء الدين زهير :
زها ورد خديك لكنه بغير النواظر لم يقطف
و قد زعموا أنه مضعف وما علموا أنه مضعفي
٢- الاشارة :
و قد تقدم بحث هذا الفن أكثر من مرة وتتناوله الآن بصورة مسهبة كما نتناول الرمز الذي شاع في العصر الحديث ليكون كتابنا جامعا لأفانين الأدب، أما الإشارة في الآية فهي : ما أشارت اليه كلمة « الأمر » من قوله « و ما كنت بجانب الغربي إذ قضينا الى موسى الأمر » فقد أشارت الى ابتداء نبوة موسى وخطاب الحق له وإعطائه الآيات البينات من إلقاء العصا لتصير ثعبانا وإخراج يده بيضاء وإرساله إلى فرعون، وسؤاله شدّ عضده بأخيه هارون، الى جميع ما جرى في ذلك المقام، وأمثال هذه المواضيع إذا تقصاها الباحث خرجت عن حد الحصر في الكتاب العزيز.
الاشارة في الشعر :
و قد قدمنا نماذج شعرية من هذا الفن، ويرى قدامة أن أفضل بيت في الإشارة قول زهير :
و إني لو لقيتك فاجتمعنا لكان لكل مندية لقاء
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٣٤١
فقد أشار له بقبح ما كان يصنع لو لقيه. وأنشد الحاتمي عن علي بن هارون عن أبيه عن حماد عن أبيه اسحق بن ابراهيم الموصلي :
جعلنا السيف بين الخدّ منه وبين سواد لمته عذارا
فأشار الى هيئة الضربة التي أصابه بها دون ذكرها إشارة لطيفة دلت على كيفيتها وانما وصف أنهم ضربوا عنقه. ومن أنواع الاشارة التفخيم والإيماء فأما التفخيم فكقول اللّه تعالى « الحاقة ما الحاقة » وقول كعب بن سعد الغنوي :


الصفحة التالية
Icon