و جملة أولئك يئسوا خبر الذين. (وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) وأولئك الواو عاطفة وأولئك مبتدأ ولهم خبر مقدم وعذاب مبتدأ مؤخر وأليم صفة لعذاب وجملة لهم عذاب أليم خبر أولئك.
البلاغة :
١- نكر الرزق في قوله (لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً) ثم عرفه بقوله « فابتغوا عند اللّه الرزق » لأن الأول مقصور عليهم فاستوجب أن يكون ضئيلا قليلا فنكره تدليلا على قلته وضآلته، ولما كان الثاني مبتغى عند اللّه استوجب أن يكون كثيرا لأنه كله عند اللّه فعرفه تدليلا على كثرته وجسامته.
٢- الإضمار والإظهار :
في قوله « أولم يروا كيف يبدى ء اللّه الخلق ثم يعيده إن ذلك على اللّه يسير قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم اللّه ينشى ء النشأة الآخرة » فن قل من يتفطّن اليه لأنه دقيق للغاية ولا يجنح إليه الكاتب أو الشاعر إلا لفائدة تربو على البداهة وهي تعظيم شأن الأمر. ألا ترى أنه صرح باسمه تعالى في قوله « ثم الله ينشى ء النشأة الآخرة » مع إيقاعه مبتدأ، وقد كان القياس أن يقول :
كيف بدأ اللّه الخلق ثم ينشى ء النشأة الآخرة فأفصح باسمه بعد إضماره والفائدة في ذلك أنه لما كانت الإعادة عندهم من الأمور العظيمة وكان صدر الكلام واقعا معهم في الإبداء وقرر لهم أن ذلك من اللّه احتج عليهم بأن الاعادة إنشاء مثل الإبداء وإذا كان اللّه الذي لا يعجزه شي ء هو الذي لا يعجزه الإبداء فوجب أن لا تعجزه الإعادة
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٤١٨
فللدلالة وللتنبيه على عظم هذا الأمر الذي هو الاعادة أبرز اسمه تعالى وأوقعه مبتدأ، والأصل في الكلام الأظهار ثم الإضمار ويليه لقصد التفخيم الإظهار بعد الإظهار ويليه وهو أفخم الثلاثة الإظهار بعد الإضمار كما في الآية.