إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) إن واسمها وجملة لا يحب خبرها وكل مفعول يحب وفخور عطف على مختال. (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ) الواو عاطفة واقصد فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت وفي مشيك متعلقان بأقصر واغضض من صوتك عطف على ما تقدم. (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) الجملة تعليل للأمر بخفض الصوت بصورة مؤكدة كما سيأتي في باب البلاغة وإن واسمها والأصوات مضاف اليه واللام المزحلقة للتأكيد وصوت الحمير خبر إن.
البلاغة :
في قوله :« إنها إن تك مثقال حبة من خردل » الآية فن التمام أو التتميم وقد تقدمت الاشارة الى الفن في مواطن من هذا الكتاب، والمعنى انه تمم خفاء الهنة أو الخطيئة في نفسها بخفاء مكانها من الصخرة والأخفى من الصخرة كأن تكون في صخرة مستقرة في أغوار الأرض السحيقة أو في الأعالي من أجواز الفضاء، ومنه في الشعر قول الخنساء :
و إن صخرا لتأتمّ الهداة به كأنه علم في رأسه نار
فقولها « في رأسه نار » تتميم جميل لا بد منه لتجسيد الظهور والشهرة للسارين والغادين.
و قول عنترة العبسي :
أثني عليّ بما علمت فإنني سهل مخالقتي إذا لم أظلم
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٥٤٥
فقوله « لم أظلم » تتميم حسن.
و من التتميم الحسن قول امرئ القيس يصف الفرس :
على هيكل يعطيك قبل سؤاله أفانين جري غير كزّ ولا واني
فقوله « قبل سؤاله » تتميم عجيب لقوله « أفانين جري » وما أجمل قول زهير بن أبي سلمى في هذا الباب :
من يلق يوما على علاته هرما يلق السماحة منه والندى خلقا
و التتميم هنا في قوله « على علاته » وهو تتميم عجيب تضمن مبالغة أعجب. ويجري على هذا المنوال قول ابن محكان السعدي حين قدم الى القتل :


الصفحة التالية
Icon