زوج وقد وهبته نفسها وكرهت غيره فلم يخطر ذلك بباله، فكيف يتجدد هوى لم يكن؟ حاشا لذلك القلب المطهّر من هذه العلاقة الفاسدة وقد قال سبحانه « و لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه » والنساء أفتن الزهرات وأنشر الرياحين؟ ولم يخالف هذا في المطلقات فكيف في المنكوحات المحبوسات » إلى أن يقول :« فإن قيل لأي معنى قال له : أمسك عليك زوجك وقد أخبره اللّه أنها زوجته؟ قلنا أراد أن يختبر منه ما لم يعلمه اللّه به من رغبته فيها أو رغبة عنها فأبدى له زيد من النفرة عنها والكراهة فيها ما لم يكن علمه منه في أمرها، فإن قيل كيف يأمره بإمساكها وقد علم أن الفراق لا بدّ منه وهذا تناقض؟ قلت : بل هو صحيح للمقاصد الصحيحة كإقامة الحجة ومعرفة العاقبة، ألا ترى أن اللّه يأمر العبد بالإيمان وقد علم أنه لا يؤمن فليس في مخالفة متعلق الأمر لمتعلق العلم ما يمنع من الأمر به عقلا وحكما وهذا من نفيس العلم فاقبلوه ».
قال الترمذي الحكيم في نوادر الأصول :« إنما عتب اللّه عليه من أجل أنه قد أعلمه بأنه ستكون هذه من أزواجك فكيف قال بعد ذلك لزيد أمسك عليك زوجك وأخذتك خشية الناس أن يقولوا تزوج زوجة ابنه واللّه أحق أن تخشاه ». وقال النحاس :« قال بعض العلماء ليس هذا من النبي صلى اللّه عليه وسلم خطيئة، ألا ترى أنه لم يؤمر بالتوبة ولا بالاستغفار وقد يكون الشي ء ليس بخطيئة إلا أن غيره أحسن منه وأخفى ذلك في نفسه خشية أن يفتتن به الناس » وروي عن علي بن الحسين أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان قد أوحى اللّه إليه أن زيدا يطلق زينب وأنه يتزوجها بتزويج اللّه إياها فلما شكا
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٢٥