في قوله « و ما يبدى ء الباطل وما يعيد » كناية عن هلاكه والتطويح به لأنه إذا هلك لم يعد له إبداء أو إعادة، ومنه قول عبيد :
أفقر من أهله عبيد فاليوم لا يبدي ولا يعيد
فقد كان المنذر بن ماء السماء يخرج في يوم من كل سنة فينعم على كل من يلقاه وفي آخر فيقتل أول من يلقاه فصادفه فيه عبيد فقيل له امدحه بشعر لعله يعفو عنك فقال : حال الجريض دون القريض.
فضرب مثلا وقال هذا البيت بعد ذلك تحسرا، وروي أن المنذر قال له : أنشدني أفقر من أهله ملحوب، فقال أقفر من أهله عبيد إلخ أي لا قدرة لي على إبداء شعر جديد ولا على إعادة شعر قديم وفي قوله يبدى ء ويعيد أيضا طباق.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ١١٢
الفوائد :
قال النحاة : ويعطف على أسماء الأحرف المشبهة بالفعل بالنصب قبل مجي ء الخبر وبعده كقول رؤبة :
إن الربيع الجود والخريف يدا أبي العباس والصيوفا
فعطف الخريف بالنصب على الربيع وقبل مجي ء الخبر وهو يدا أبي العباس وعطف الصيوف جمع صيف على الربيع بالنصب بعد مجي ء الخبر، والجود بفتح الجيم وسكون الواو وبالدال المطر الغزير ويروى الجون بالنون بدل الدال والمراد به السحاب الأسود. والمراد بالربيع والخريف والصيوف أمطارهن والمراد بأبي العباس السفاح أول الخلفاء من بني العباس، وهذا من عكس التشبيه مبالغة لأن الغرض تشبيه يديه بالأمطار الواقعة في الربيع والخريف والصيف، ويعطف بالرفع على محل هذه أسماء هذه الأحرف بشرطين : استكمال الخبر وكون العامل إن أو أن أو لكن مما لا يغير معنى الجملة نحو إن اللّه بري ء من المشركين ورسوله فعطف رسوله على محل الجلالة بعد استكمال الخبر وهو بري ء، والمحققون على أن الرفع في ذلك ونحوه على أنه مبتدأ حذف خبره لدلالة خبر الناسخ عليه.


الصفحة التالية
Icon