للصفات وقد انتهى الزمخشري من تقريره الى القول، فعلى هذا إن وحدت الموصوف كانت للدلالة على ترتيب الصفات في التفاضل وإن ثلثته فهي للدلالة على ترتيب الموصوفات فيه، ومعنى توحيدها أن تعتقد أن صنفا مما ذكر في التفاسير المذكورة جامع للصفات الثلاث، على أن الأول هو الأفضل أو على العكس، ومعنى تثليثها أن تجعل كل صفة لطائفة ويكون التفاضل بين الطوائف إما أن الأول هو الأفضل أو على العكس. ووجهة الزمخشري قوية وتقريره ممتع مفيد ولكنه لم يبين وجه كل واحد منهما وخلاصة ما يقال فيه أن للعرب في التقديم مذهبان أولهما :
١- الاعتناء بالأهم فهم يقدمون ما هو أولى بالعناية وأجدر بأن يقرع السمع.
٢- الترقي من الأدنى إلى الأعلى، ومنه قوله :
بهاليل منهم جعفر وابن أمه علي ومنهم أحمد المتخير
و لا يقال إن هذا إنما ساغ لأن الواو لا تقتضي رتبة فإن هذا غايته أنه عذر وما ذكرناه بيان لما فيه من مقتضى البديع والبلاغة.
كلمة عامة في التقديم والتأخير :
هذا وقد عقد عبد القاهر فصلا مطولا في كتابه دلائل الإعجاز عن التقديم والتأخير يرجع إليه القارئ إن شاء، ونلخص هنا ما قاله علماء المعاني في صدد التقديم والتأخير فمن المعلوم أنه لا يمكن النطق بأجزاء الكلام دفعة واحدة بل لا بد من تقديم بعض الأجزاء وتأخير البعض وليس شي ء منها في نفسه أولى بالتقدم من الآخر
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٢٤٦
لاشتراك جميع الألفاظ من حيث هي ألفاظ في درجة الاعتبار فلا بد لتقديم هذا على ذاك من داع يوجبه وهذه الدواعي كثيرة فمنها :
١- التشويق إلى المتأخر إذا كان المتأخر مشعرا بغرابة كقول أبي العلاء :
و الذي حارت البرية فيه حيوان مستحدث من جماد
٢- تعجيل المسرة أو المساءة نحو العفو عنك صدر به الأمر أو القصاص حكم به القاضي.
٣- كون المتقدم محط الإنكار والتعجب نحو : أبعد طول التجربة تنخدع؟