وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ) الواو عاطفة واللام جواب للقسم المحذوف وقد حرف تحقيق وأرسلنا فعل وفاعل وفيهم جار ومجرور متعلقان بأرسلنا ومنذرين مفعول به. (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) الفاء الفصيحة وانظر فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت وكيف اسم استفهام في محل نصب خبر كان المقدم وعاقبة اسمها المؤخر والمنذرين بفتح الذال مفعول به. (إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ) إلا أداة استثناء بمعنى لكن لأن الاستثناء منقطع وعباد اللّه مستثنى والمخلصين صفة.
البلاغة :
حفلت هذه الآيات بضروب من البلاغة سنبسط القول فيها وسننقل لك خلاصات وافية لما أورده أساطين البلاغة في صددها فأول ما فيها من فنون :
١- التشبيه برؤوس الشياطين :
و هو تشبيه طلع شجرة الزقوم برؤوس الشياطين وهو تشبيه
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٢٧٨
خيالي وقد سبق ذكره فيما قدمناه من أقسام التشبيه، ونورد لك هنا خلاصة ما قاله ابن رشيق فيه :
« و اعلم أن التشبيه على ضربين : تشبيه حسن وتشبيه قبيح فالتشبيه الحسن هو الذي يخرج الأغمض الى الأوضح فيفيد بيانا والتشبيه القبيح ما كان خلاف ذلك » قال الرماني :« و شرح ذلك ما تقع عليه الحاسة أوضح مما لا تقع عليه الحاسة، والمشاهد أوضح من الغائب فالأول في العقل أوضح من الثاني، والثالث أوضح من الرابع وما يدركه الإنسان من نفسه أوضح مما يعرفه من غيره، والقريب أوضح من البعيد في الجملة، وما قد ألف أوضح مما لم يؤلف » ثم انتقل ابن رشيق الى التشبيه الوارد في الآية فقال :
« قال الله عز وجل :« طلعها كأنه رؤوس الشياطين » فقال قوم إن شجرة الزقوم وهي أيضا الأستن لها صورة منكرة وثمرة قبيحة يقال لها رؤوس الشياطين » والأستن كما يقول المجد :


الصفحة التالية
Icon