يقول : لا ينال الأمر إلا بتوفر أسبابه، شبه توقف الأمر على أسبابه وتوقف أسبابه بتوقف على أسبابه بتوقف ضرب الخيمة على انتصاب الأعمدة وتوقف انتصابها على اثبات الأوتاد المشدودة بالحبال وبعده :
فإن تجمع أسباب وأعمدة وساكن بلغوا الأمر الذي كادوا
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٣٣٩
ثم قال : فإن اجتمعت الحبال المشدودة بالأوتاد الثابتة وانتصبت الأعمدة ووجد الساكن بلغ مراده وهو بمعنى الجمع فصح جمع ضميره ومعنى كادوا عالجوا يقال كاده كيدا أي عالجه علاجا والمعنى بلغوا الأمر الذي كادوه أي عالجوه لتحصيله. وقال الأسود ابن يعفر :
ماذا أؤمل بعد آل محرق تركوا منازلهم وبعد إياد
جرت الرياح على مقر ديارهم فكأنهم كانوا على ميعاد
و لقد غنوا فيها بأنعم عيشة في ظل ملك ثابت الأوتاد
فإذا النعيم وكل ما يلهى به يوما يصير الى بلى ونفاد
يقول : لا أتمنى بعدهم شيئا من الدنيا. ومحرق هو امرؤ القيس بن عمرو بن عدي اللخمي والإياد في الأصل تراب يجمع حول الحوض والبيت يحفظه من المطر والسيول من الأيد أي القوة أو هو ما أيد به الشي ء مطلقا والكنف والجبل الحصين وإياد الجيش جناحاه أي ميمنته وميسرته والأيّد : القوي، وإياد هنا علم على ابن نزار ابن معد بن عدنان فهو أخو مضر وربيعة وأراد به في البيت القبيلة وروي وآل إياد عطفا على آل محرق وغني بالمكان كرضي : أقام به والبلى : الانمحاق، والنفاد : الفناء يقول : تركوا منازلهم وهي جملة مستأنفة لبيان نفي التأميل أو اعتراضية بين المتعاطفين وجملة : جرت الرياح مستأنفة مسوقة لبيان حال القبيلتين يقول : تفانوا فجرت الرياح على محل ديارهم وجريان الرياح على مقر الديار لانهدام الجدران التي كانت تمنع الرياح وذلك كناية عن موتهم وأشار الى أن فتاءهم كان سريعا كأنه دفعة واحدة بقوله : فكأنهم كانوا على ميعاد واحد ولقد
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٣٤٠


الصفحة التالية
Icon