و الشق هو الجسد الذي القي على كرسيه حين عرض عليه وهو عقوبته ومحنته لأنه لم يستثن لما استغرقه من الحرص وغلب عليه من التمني وقيل : نسي أن يستثني كما صح في الحديث لينفذ أمر اللّه ومراده فيه، وقيل : إن المراد بالجسد الذي ألقي على كرسيه أنه ولد له ولد فاجتمعت الشياطين وقال بعضهم لبعض : إن عاش له ولد لم ننفك من البلاء فسبيلنا أن نقتل ولده أو نخبله فعلم بذلك سليمان فأمر السحاب فحمله فكان يربيه في السحاب خوفا من الشياطين فبينما هو مشتغل في بعض مهماته إذ ألقي الولد ميتا على كرسيه فعاتبه اللّه على خوفه من الشياطين حيث لم يتوكل عليه في ذلك فتنبه لخطئه فاستغفر ربه فذلك قوله عز وجل :« و ألقينا على كرسيه جسدا » إلخ... ».
على أن المسألة ليست مما يمكن البت فيه أو الترجيح بالرأي وإنما هي مسائل تاريخية تضاربت فيها الأقوال واللّه أعلم.
المراد بالخير :
و اختلف العلماء والمفسرون أيضا في المراد بالخير بقوله :
« إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي » الآية فقال قوم هو المال مستدلين بقوله تعالى « إن ترك خيرا » أي مالا وقوله « إنه لحب الخير لشديد » وقيل هو مجاز والمراد به الخيل التي شغلته وأنسته ذكر ربه أو سمى الخيل خيرا كأنها نفس الخير لتعلق الخبر بها قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :« الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة » وقال أيضا في زيد الخيل حين وفد عليه وأسلم :« ما وصف لي رجل فرأيته
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٣٦٥
إلا كان دون ما بلغني إلا زيد الخيل وسماه زيد الخير » وفي القرطبي :
« يعني بالخير الخيل والعرب تسميها كذلك ويعاقب بين الراء واللام فتقول انهملت العين وانهمرت وختلت وخترت، قال الفراء : الخير في كلام العرب والخيل واحد ».
و من الكلام البليغ الذي رمق الشعراء سماءه قوله تعالى :