و في قوله « فهل الى خروج من سبيل » في هذا الاستفهام يأس مقنط واستحالة مفرطة كأنهم لفرط ما يكابدونه يتمنون الخروج من هذا الأسى المطبق من الهول المستحكم ولكن أي تمن؟ إنه تمني من غلب عليه اليأس والقنوط وتنكير خروج للدلالة على أي خروج كان سواء أكان سريعا أم بطيئا وإنما يقولون ذلك تعللا وتحيرا ولهذا جاء الجواب على حسب ذلك وهو قوله « ذلكم بأنه إذا دعي اللّه وحده كفرتم » ومعناه أن السبب يعود إلى كفركم فلا تطمعوا في زوال ما أنتم فيه لأنه جريرتكم وعلى أنفسكم تقع الملامة وقد تعلق الشعراء بأهداب هذا التعبير البديع فقال بعضهم :
هل الى نجد وصول وعلى الخيف نزول
و قصدهم أن هذا أمر غلب فيه اليأس على الطمع وحيل بين المتمني وما يتمناه.
[سورة غافر (٤٠) : الآيات ١٣ الى ١٨]
هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً وَما يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَنْ يُنِيبُ (١٣) فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (١٤) رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ (١٥) يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْ ءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (١٦) الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (١٧)
وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ (١٨)
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٤٦٧
اللغة :
(الْآزِفَةِ) : القيامة سميت بذلك لأزوفها أي لقربها من أزف الرحيل أي قرب وفي المصباح :« أزف الرحيل أزفا من باب تعب وأزوفا دنا وقرب وأزفت الآزفة القيامة » وفي الأساس : أزف الرحيل :