لا يهتدي الى تأويله إلا اللّه وعباده الذين رسخوا في العلم وتمكنوا منه، ويجوز أن يتم الوقوف على قوله :« إلا اللّه » وتكون الواو استئنافية والراسخون مبتدأ خبره جملة يقولون. وعلى القول الاول تكون جملة يقولون : حالية أي قائلين، وقد نشأ عن هذا الاختلاف في التفسير انقسام العلماء الى فريقين : أصحاب تأويل وأصحاب ظاهر، ولستا في صدد الترجيح والمفاضلة بين الآراء المتضاربة ولكننا سنورد لمحة عنه في باب الفوائد (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) الجملتان مقول القول وآمنا فعل وفاعل وبه متعلقان بآمنا وكل مبتدأ ساغ الابتداء به لما في « كل » من معنى العموم والتنوين عوض عن كلمة، ومن عند ربنا الجار والمجرور
إعراب القرآن وبيانه، ج ١، ص : ٤٥٩
متعلقان بمحذوف خبر (وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) الواو حالية أو مستأنفة وما نافية ويذكر فعل مضارع مرفوع وإلا أداة حصر وأولو فاعل يذكر مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والألباب مضاف إليه.
الفوائد :
١- أفرد بعضهم هذه المسألة بكتاب خاص لسعة الكلام فيها، وقد استدل القاضي البيضاوي والزمخشري قبله على اختيارهما الوقوف على « العلم » لأن في ذلك حفزا للعقول على التفكير والإبداع، وقال الحشويّة ما خلاصته : الوقف على قوله تعالى :
« و ما يعلم تأويله إلا اللّه » واجب حتى يكون قوله :« و الراسخون » كلاما مستأنفا، فاذا لم يقف عليه بل وقف على قوله « و الراسخون في العلم » ليكون عطفا على قوله :« إلا اللّه » كان لا بد أن يبتدى ء بقوله :
« يقولون آمنا به » أراد به : قائلين، وهو حال، وهو باطل، لأنه لا يخلو إما أن يكون حالا عن « اللّه » أو عن الراسخين في العلم، كان كان اللّه سبحانه والراسخين في العلم قالوا : آمنا به كل من عند ربنا.


الصفحة التالية
Icon